كشف حزب “اليمين الجمهوري” الفرنسي عن مقترحات تشريعية رئيسية سيتم طرحها في الجمعية الوطنية في 22 يناير 2026، ضمن ما يُعرف بـ “نافذته البرلمانية”. وتتضمن هذه المقترحات، التي تهدف إلى تعزيز الأمن والهوية الفرنسية، إجراءات صارمة تتعلق بالهجرة والإسلام السياسي والحريات العامة، مما يثير جدلاً واسعاً حول مستقبل السياسات الفرنسية.
أفادت صحيفة لوفيغارو أن هذه المقترحات تعكس التوجهات الأيديولوجية الأساسية للحزب، وتسعى إلى فرض رؤية محافظة للدولة والمجتمع. ويأتي هذا في وقت تشهد فيه فرنسا نقاشات حادة حول قضايا الهجرة والإرهاب والعلمانية، مما يجعل هذه المقترحات ذات أهمية سياسية واجتماعية كبيرة.
مقترحات “اليمين الجمهوري” وتأثيرها على الأمن القومي
تتصدر قائمة المقترحات مبادرة لإدراج جماعة الإخوان المسلمين على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية. وبرر الحزب هذا الإجراء بالقول إن الجماعة تسعى إلى إقامة مجتمع موازٍ يقوم على الشريعة ويتعارض مع مبادئ العلمانية والمساواة بين الجنسين. ويرى البعض أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تضييق الخناق على الحركات الإسلامية المعتدلة، بينما يرى آخرون أنها ضرورية لحماية الأمن القومي.
تشديد القيود على الهجرة
بالإضافة إلى ذلك، يقترح الحزب منع إيواء المهاجرين غير النظاميين ضمن نظام الإيواء الطارئ، معتبراً أن استمرار تمويل هذا الإيواء يشكل عبئاً على المال العام. ويأتي هذا في سياق سعي الحكومة الفرنسية إلى الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وتشديد الرقابة على الحدود. وتشير التقارير إلى أن هذه السياسة قد تؤدي إلى زيادة عدد المشردين والمهاجرين الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية.
الجدل حول الحجاب والقيم الفرنسية
أثار مشروع قانون يحظر ارتداء الحجاب على القاصرات في الفضاء العام جدلاً واسعاً في فرنسا. ويعتبر الحزب أن هذا الإجراء يهدف إلى الدفاع عن القيم المدنية الفرنسية وحماية الطفولة، بينما يرى معارضوه أنه يمثل انتهاكاً للحريات الشخصية والدينية. وتشير استطلاعات الرأي إلى انقسام حاد في الرأي العام حول هذه القضية.
بالإضافة إلى ذلك، يقترح الحزب تعليق المساعدات الاجتماعية عن المدانين بأعمال عنف خلال المظاهرات، والسماح بالحجز على الإعانات الاجتماعية لتحصيل الغرامات غير المدفوعة. ويهدف هذا الإجراء إلى جعل الأفراد يتحملون عواقب أفعالهم، وتعزيز المسؤولية الاجتماعية. القانون الفرنسي يركز بشكل متزايد على ربط الحقوق بالواجبات.
تعديلات اقتصادية واجتماعية مقترحة
وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، يقترح الحزب السماح استثنائياً بالإفراج عن أموال المشاركة والحوافز في عام 2026، وتمكين بعض القطاعات من العمل في يوم عيد العمال. تهدف هذه الإجراءات إلى تحفيز الاقتصاد، وتعزيز الإنتاجية. كما يقترح الحزب نصوصاً تهدف إلى الحد من تضخم الهيئات الإدارية وتعزيز وضوح عمل الدولة، مما يعكس رغبة الحزب في تبسيط الإجراءات الإدارية وتحسين كفاءة الدولة.
وفي المجال الأمني، يسعى الحزب إلى إقرار قرينة الدفاع الشرعي لصالح قوات الأمن أثناء أداء مهامها، مع التأكيد على أن ذلك لا يعفي هذه القوات من الرقابة القضائية. يهدف هذا الإجراء إلى منح قوات الأمن المزيد من الصلاحيات لمواجهة التهديدات الأمنية، مع الحفاظ على حقوق الأفراد. الأمن الداخلي يمثل أولوية قصوى للحكومة الفرنسية.
من المتوقع أن تثير هذه المقترحات جدلاً واسعاً في الجمعية الوطنية، وأن تشهد معارضة قوية من الأحزاب اليسارية والمنظمات الحقوقية. وستكون المناقشات حول هذه المقترحات اختباراً حقيقياً لقوة “اليمين الجمهوري” وقدرته على فرض رؤيته على السياسة الفرنسية. من المقرر أن تبدأ المناقشات في 22 يناير 2026، ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه المقترحات ستمرر بأغلبية الأصوات، أو ما إذا كانت ستخضع لتعديلات كبيرة قبل التصويت عليها. يجب متابعة التطورات السياسية والقانونية عن كثب لتقييم تأثير هذه المقترحات على مستقبل فرنسا.













