واشنطن – أثار إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن فرض حظر بحري على السفن الفنزويلية التي تحمل النفط جدلاً واسعاً، واعتبر تصعيداً جديداً في الضغط على نظام الرئيس نيكولاس مادورو. يأتي هذا الإعلان وسط تصاعد التوترات العسكرية في منطقة البحر الكاريبي، حيث كثفت الولايات المتحدة من تواجدها العسكري ونشرت قوات متنوعة.
وقد سبق هذا الإجراء عدة أشهر من النشاط العسكري الأمريكي المتزايد في المنطقة، بما في ذلك تنفيذ أكثر من 20 عملية بحث واعتقال بحرية استهدفت قوارب يُزعم تورطها في تهريب المخدرات. وبالتزامن مع ذلك، نشرت الولايات المتحدة طائرات حربية في جزر قريبة من فنزويلا، بالإضافة إلى إرسال حاملة الطائرات جيرالد فورد، الأكبر من نوعها في العالم، معززة ب عشرات القطع البحرية العسكرية الأخرى.
“نفوذ أمريكا” في فنزويلا: دوافع وتداعيات
يعكس هذا التصعيد، بحسب مراقبين، سعي الإدارة الأمريكية السابقة إلى ممارسة أقصى ضغط ممكن على حكومة مادورو، التي صنفتها واشنطن كـ “منظمة إرهابية أجنبية”. تهدف هذه السياسة إلى تقويض نفوذ مادورو المتزايد وقطع مصادر تمويله، خاصة بالنظر إلى العلاقات الوثيقة بين فنزويلا وإيران ودول أخرى تعتبرها الولايات المتحدة معادية.
ومع ذلك، شكك خبراء ومحللون في منطقية تبرير الولايات المتحدة لهذا التدخل العسكري، خاصة فيما يتعلق بمكافحة المخدرات. أشاروا إلى أن الرئيس ترامب قد منح عفواً رئاسياً لرئيس هندوراس السابق المتهم بالارتباط بتهريب المخدرات، مما يثير تساؤلات حول مصداقية هذا التبرير.
التصعيد العسكري والخيارات المطروحة
لم يستبعد الرئيس ترامب، في تصريحات سابقة، احتمال الغزو البري لفنزويلا، على الرغم من التحذيرات الداخلية والخارجية من عواقب وخيمة لمثل هذا الإجراء. بالتزامن مع ذلك، لوّح بـ “استعادة” أصول فنزويلية و نفطها، معتبراً أن ذلك حق مشروع للولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تسعى من خلال هذا الاستعراض للقوة إلى إرسال رسالة واضحة إلى الجيش الفنزويلي، مفادها أن النظام ضعيف وأن واشنطن مستعدة للتدخل عسكرياً إذا لزم الأمر. قد يهدف هذا التكتيك أيضاً إلى دفع عناصر داخل النظام الفنزويلي إلى التمرد أو الانشقاق.
في المقابل، يرفض أغلب الأمريكيين التدخل العسكري في فنزويلا، وفقًا لاستطلاع حديث أجرته جامعة كوينيبياك. أظهر الاستطلاع معارضة واسعة النطاق لأي عمل عسكري ضد كراكاس، و شكوكًا حول مدى جدوى استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية.
كما أثارت هذه الخطوات مخاوف بشأن تداعياتها الإنسانية المحتملة على الشعب الفنزويلي، الذي يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية حادة ونقص في الغذاء والدواء. وحذر خبراء من أن أي تدخل عسكري قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني وزيادة أعداد اللاجئين.
النفط وعلاقات فنزويلا الدولية
يُعد النفط المصدر الرئيسي لإيرادات فنزويلا، وتعتمد البلاد بشكل كبير على صادراته لتمويل اقتصادها. وبالتالي، فإن استهداف صادرات النفط الفنزويلية يمثل ضربة قوية للاقتصاد الفنزويلي، وقد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقات الوثيقة بين فنزويلا وإيران وروسيا والصين تثير قلق الولايات المتحدة. وترى واشنطن أن هذه الدول تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة على حساب المصالح الأمريكية. و يرى البعض أن هذه الخطوات تأتي في سياق المواجهة الأوسع بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.
ما هو مستقبل الضغط على فنزويلا؟
من المتوقع أن يستمر الضغط الأمريكي على فنزويلا في المدى القصير، على الرغم من تغيير الإدارة في البيت الأبيض. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستتبنى نهجاً مختلفاً تجاه فنزويلا، ولكن من المرجح أن تستمر في السعي إلى تغيير النظام في كراكاس.
ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو رد فعل حكومة مادورو على الحظر البحري، و مدى قدرتها على إيجاد طرق بديلة لتصدير النفط. كما يجب متابعة تطورات الوضع العسكري في المنطقة، و أي تصعيد إضافي قد يحدث. الوضع في فنزويلا لا يزال متقلباً وغير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة و تحليل عميق.













