تخطط شركة الطاقة الحكومية التركية “تركيا بتروليري إيه أو” (Turkiye Petrolleri AO) لإصدار صكوك إسلامية بقيمة تصل إلى 4 مليارات دولار لتمويل توسيع نطاق إنتاج النفط والغاز، وهو أول طرح دولي من نوعه للشركة. يأتي هذا الإجراء في وقت تسعى فيه تركيا إلى تعزيز استقلالها في مجال الطاقة وتنويع مصادرها، بالتزامن مع استقرار الأوضاع الاقتصادية في البلاد. يهدف الإصدار إلى جذب استثمارات دولية لدعم مشاريع الشركة الطموحة.
أعلن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار أن الشركة، المعروفة اختصاراً بـ “تي بي إيه أو”، تستعد لإطلاق هذه الصكوك لأجل خمس سنوات للمستثمرين الدوليين قبل نهاية العام الحالي. وقد عقدت الشركة بالفعل اجتماعات تمهيدية في مدن رئيسية مثل لندن وأبو ظبي ودبي لعرض خططها المالية والمشاريع المستقبلية على المستثمرين المحتملين، بما في ذلك مشاريع الغاز في البحر الأسود وحقل جبار النفطي.
توقعات إنتاج النفط والغاز في تركيا
تمتلك “تي بي إيه أو”، التي يسيطر عليها صندوق الثروة السيادية التركي، مجموعة متنامية من المشاريع في كل من تركيا وخارجها. تشمل هذه المشاريع خططاً للتنقيب في ليبيا وعُمان وباكستان، بالإضافة إلى الإنتاج القائم في أذربيجان والعراق وروسيا. يشكل التنويع الجغرافي جزءاً أساسياً من استراتيجية الشركة لتقليل المخاطر وزيادة حجم الإنتاج.
تشير البيانات إلى أن الشركة أنتجت 33.7 مليون برميل من النفط و2.2 مليار متر مكعب من الغاز داخل تركيا في عام 2024، حسبما ذكر الرئيس التنفيذي السابق أحمد تورك أوغلو أمام لجنة برلمانية. وبالإضافة إلى ذلك، ضخت الشركة ما يعادل 39.4 مليون برميل من النفط المكافئ من مشاريعها الدولية، مما يدل على النمو المتواصل للشركة في الأسواق العالمية.
استثمارات في حقل ساكاريا
من المتوقع أن يشهد الإنتاج المحلي والدولي زيادة ملحوظة في السنوات القادمة. تعتزم تركيا توسيع إنتاج حقل ساكاريا للغاز في البحر الأسود ليصل إلى 45 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2028، مقارنة بـ 9.5 مليون متر مكعب حالياً. يمثل هذا المشروع جزءاً محورياً من خطط تركيا لتقليل اعتمادها على واردات الطاقة.
علاوة على ذلك، تخطط “تي بي إيه أو” لتطوير احتياطيات غير تقليدية في جنوب شرق تركيا من خلال شراكات مع شركات أمريكية، مثل “كونتيننتال ريسورسز” و”ترانس أتلانتيك بتروليوم”، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة والحديثة. تعتبر هذه الشراكات خطوة مهمة نحو تطوير قطاع الطاقة التركي وتنويع مصادره.
أنشأت شركة النفط التركية شركة فرعية متخصصة، وهي “فارليك كيرالاما”، في وقت سابق من هذا الشهر لإدارة عملية إصدار الصكوك الإسلامية. وتهدف هذه الخطوة إلى تسهيل عملية الإصدار وضمان الشفافية والالتزام بالمعايير الشرعية.
يأتي هذا الطرح في وقت يشهد فيه الاقتصاد التركي تحسناً ملحوظاً، حيث انخفضت تكاليف الاقتراض نتيجة لاستقرار الأوضاع السياسية وتنفيذ سياسات اقتصادية أكثر تقليدية. وقد أدى ذلك إلى زيادة الإقبال على إصدار الديون من قبل القطاعين العام والخاص، فضلاً عن زيادة اهتمام البنوك الخليجية بالاستثمار في تركيا.
ويتوقع المراقبون أن يكون لهذه الخطوة تأثير إيجابي على قطاع الطاقة التركي، مما سيتيح للشركة تنفيذ خططها التوسعية وزيادة إنتاجها من النفط والغاز، وتعزيز دور تركيا كمركز إقليمي للطاقة. التمويل الإسلامي يعد خياراً جذاباً للمستثمرين الذين يبحثون عن بدائل شرعية للاستثمار في قطاع الطاقة.
وتشير التوقعات إلى أن نجاح إصدار الصكوك سيعزز الثقة في الاقتصاد التركي ويشجع المزيد من الاستثمارات الأجنبية. تبقى متابعة التطورات المتعلقة بهذا الإصدار وتقييم تأثيره على السوق أمراً بالغ الأهمية في الفترة المقبلة، خاصة في ظل التغيرات المستمرة في أسعار الطاقة العالمية والتحديات الجيوسياسية.













