وصلت لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة إلى محافظة القنيطرة جنوبي سوريا يوم السبت الموافق 13 ديسمبر 2025، وذلك لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة في المنطقة. يأتي هذا الإجراء بالتزامن مع توغل قوات إسرائيلية في ريف القنيطرة، مما يثير مخاوف بشأن التصعيد المستمر في الأراضي السورية. وتعتبر هذه التوغلات جزءًا من نمط متكرر من النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا، والذي يثير جدلاً واسعاً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقد أكدت محافظة القنيطرة، عبر منصة تليغرام، وصول اللجنة وبدء مهمتها في جمع الأدلة والشهادات المتعلقة بالانتهاكات التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين وممتلكاتهم. وتأتي هذه الزيارة استجابة للتقارير المتزايدة حول الخسائر في الأرواح والأضرار المادية التي نتجت عن العمليات العسكرية الإسرائيلية.
تطورات التوغل الإسرائيلي في القنيطرة
أفادت قناة الإخبارية السورية بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت بـ6 آليات عسكرية في قرية صيدا الحانوت جنوبي محافظة القنيطرة. وذكرت القناة أن القوات الإسرائيلية قامت بتفتيش أربعة منازل وأقامت أربعة حواجز داخل القرية. هذه التوغلات ليست جديدة، بل هي استمرار لعمليات سابقة شهدتها المنطقة.
وفي تطور لاحق، أعلنت القناة عن إطلاق سراح شابين سوريين اعتقلهما الجيش الإسرائيلي لساعات قليلة عند حاجز أقيم بين بلدة أم باطنة وقرية العجرف بريف القنيطرة. لم يتم الإعلان عن أسباب الاعتقال أو تفاصيل أخرى حول الحادثة.
خلفية التوترات الأخيرة
يأتي هذا التوغل بعد حوالي أسبوعين من حادثة مماثلة في بلدة بيت جن بريف دمشق، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 13 شخصًا وأصابت حوالي 25 آخرين. وقد أثارت هذه الحادثة إدانات واسعة من قبل الحكومة السورية والمنظمات الحقوقية. وتعتبر بيت جن منطقة ذات أهمية استراتيجية بسبب موقعها على سفوح جبل الشيخ.
منذ سقوط النظام السابق في سوريا، تشهد ريفي القنيطرة ودرعا توغلات إسرائيلية شبه يومية، غالبًا ما تترافق مع عمليات اعتقال. في حين يتم الإفراج عن بعض المعتقلين لاحقًا، لا يزال آخرون قيد الاحتجاز، مما يزيد من التوتر في المنطقة. وتشير التقارير إلى أن هذه التوغلات تهدف إلى استهداف مواقع يُزعم أنها تابعة لمجموعات مسلحة.
الوضع الأمني في المنطقة معقد للغاية، حيث تتواجد نقاط عسكرية إسرائيلية في مناطق مختلفة من سوريا، بدءًا من قمة جبل الشيخ وصولًا إلى حوض اليرموك في أقصى الريف الجنوبي. وتقدر قناة الإخبارية عدد هذه النقاط بـ8 قواعد في القنيطرة وقاعدة واحدة في درعا. هذا الوجود العسكري الإسرائيلي يثير قلقًا بالغًا لدى السكان المحليين.
تداعيات الانتهاكات على الاستقرار الاقتصادي
على الرغم من أن الحكومة السورية الجديدة لم تصدر أي تهديدات مباشرة تجاه تل أبيب، إلا أن الجيش الإسرائيلي يواصل التوغل في الأراضي السورية وشن الغارات الجوية. وقد أدت هذه الغارات إلى مقتل مدنيين وتدمير مواقع عسكرية وبنية تحتية حيوية، مما يعيق جهود إعادة الإعمار والتنمية. وتشير بعض المصادر إلى أن هذه الغارات تستهدف أيضًا مواقع مرتبطة ببرنامج الأسلحة السوري.
يعرب السوريون عن قلقهم من أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية يحد من قدرتهم على استعادة الاستقرار ويؤخر جهود جذب الاستثمارات اللازمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية. فالبيئة الأمنية غير المستقرة تثبط المستثمرين وتعيق النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تدمير البنية التحتية يزيد من التحديات التي تواجهها الحكومة في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
وتشير بعض التحليلات إلى أن إسرائيل تسعى من خلال هذه التوغلات إلى تعزيز الأمن القومي لها ومنع أي تهديد محتمل من سوريا. في المقابل، ترى سوريا أن هذه التوغلات تمثل انتهاكًا لسيادتها وتقويضًا لجهودها في تحقيق السلام والاستقرار. هذا التباين في وجهات النظر يزيد من صعوبة التوصل إلى حلول للأزمة.
بعد إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، أعلنت إسرائيل عن انهيار اتفاقية فصل القوات المبرمة مع سوريا عام 1974، واحتلت المنطقة العازلة بين البلدين ومناطق أخرى. وطالبت دمشق مرارًا وتكرارًا بوقف هذه الانتهاكات، لكن دون جدوى. هذا الوضع يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين البلدين.
من المتوقع أن تستمر لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في عملها خلال الأيام القادمة، وستقوم بزيارة المواقع المتضررة وجمع الشهادات من السكان المحليين. ومن المقرر أن تقدم اللجنة تقريرًا مفصلًا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحلول نهاية الشهر. وسيكون هذا التقرير بمثابة وثيقة هامة لتقييم الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة. يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد حل سياسي شامل يضمن وقف الانتهاكات الإسرائيلية وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.













