أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سلسلة مكثفة من المفاوضات مع مسؤولين أمريكيين، بما في ذلك مبعوثين عن الرئيس السابق دونالد ترامب، بهدف إيجاد حل لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا. وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية في ظل استمرار القصف الروسي وتصاعد المخاوف بشأن مستقبل المفاوضات، حيث أشار زيلينسكي إلى أن المحادثات كانت “بناءة لكنها ليست سهلة”.
وقال زيلينسكي يوم الأحد إن ممثليه أجروا محادثات “جوهرية” مع فريق ترامب، بينما توجه أمين مجلس الأمن والدفاع الأوكراني ورئيس الأركان إلى أوروبا لمواصلة المشاورات. وتتركز هذه المحادثات على تقييم ردود الفعل الروسية على مقترحات السلام الأمريكية، وتحديد المجالات المحتملة للتسوية.
تطورات مفاوضات أوكرانيا: تقييم أمريكي وروسي
أعرب زيلينسكي عن شكره للمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر ترامب، على “استعدادهما للعمل المشترك”، مؤكدًا أن الممثلين الأمريكيين على دراية بالمواقف الأوكرانية الأساسية. ومن المقرر أن يشارك زيلينسكي في اجتماع ثلاثي الأطراف في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، قبل التوجه إلى بلجيكا لمزيد من المحادثات مع قادة أوروبيين آخرين.
بالتزامن مع ذلك، أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بعد محادثة مع نظيره الهولندي، على أهمية استمرار الدعم الدولي لأوكرانيا، مشددًا على أن أمن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من أمن أوروبا. هذا التأكيد يعكس التزام الدول الغربية بدعم كييف في مواجهة العدوان الروسي.
في المقابل، أعرب الرئيس السابق ترامب عن “خيبة أمل بعض الشيء” بسبب عدم إقدام زيلينسكي على دعم مقترح السلام الذي قدمه. وأشار إلى أنه تحدث مع الرئيس بوتين والقادة الأوكرانيين، بما في ذلك زيلينسكي، مؤكدًا على ضرورة استكشاف جميع السبل الممكنة لإنهاء الحرب.
ردود فعل متباينة على مقترحات السلام
وكان ترامب قد لمح سابقًا إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام قريب، بينما صرح كيث كيلوغ، المبعوث الأمريكي المنتهية ولايته، بأن الجهود الدبلوماسية وصلت إلى “الأمتار العشرة الأخيرة”، وهي المرحلة الأكثر تعقيدًا. ومع ذلك، حذر نجل ترامب من أن والده قد “ينسحب تمامًا” من عملية السلام إذا لم تنجح الجهود، مشيرًا إلى أن أسلوب الرئيس السابق يتميز بعدم القدرة على التنبؤ به.
تواجه عملية المفاوضات عقبات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بمسألة التنازل عن الأراضي الأوكرانية لروسيا، وكيفية ضمان أمن أوكرانيا في المستقبل. فقد أعلن الكرملين أن الرئيس بوتين وافق على بعض المقترحات الأمريكية، لكنه اعتبر بعضها الآخر “غير مقبول”. من جانبها، أكدت السفيرة الأوكرانية لدى الولايات المتحدة أن هناك “قضايا صعبة ما تزال مطروحة” تحتاج إلى حل.
في الوقت نفسه، تتصاعد الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية، حيث أدت أحدث الضربات إلى مقتل شخص واحد وإصابة سبعة آخرين. كما أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن البلاد تعرضت لما يقرب من 704 صاروخ وطائرة مسيرة منذ بداية الحرب، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للطاقة والنقل. بالإضافة إلى ذلك، دُمرت محطة قطارات بالقرب من كييف، وانقطع التيار الكهربائي عن ثماني مناطق، وتعرضت محطة زاباروجيا النووية لانقطاع مؤقت في الطاقة الخارجية.
وتشير التقارير إلى أن القوات الأوكرانية استهدفت مصفاة ريازان الروسية الكبرى، في الضربة التاسعة من نوعها على هذا المرفق هذا العام. هذه الهجمات المتبادلة تؤكد على استمرار التوتر العسكري وتزيد من صعوبة التوصل إلى حل سياسي. وتعتبر هذه التطورات جزءًا من سياق أوسع يشمل الأزمة الأوكرانية، والتي أثرت بشكل كبير على الأمن الإقليمي والعلاقات الدولية.
من المتوقع أن تستمر المشاورات الدبلوماسية في الأيام القادمة، مع التركيز على إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتنازعة. ومع ذلك، لا يزال مستقبل المفاوضات غير واضح، حيث يعتمد نجاحها على استعداد كل من روسيا وأوكرانيا لتقديم تنازلات متبادلة. يجب مراقبة ردود الفعل على هذه المحادثات، وخاصة من الكرملين، لتقييم فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار أو اتفاق سلام دائم. كما أن استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا، سواء العسكري أو الاقتصادي، سيكون عاملاً حاسماً في تحديد مسار الأزمة.













