أسامة دياب
شهدت سفارة الفاتيكان توافد عدد كبير من السفراء والديبلوماسيين العرب والأجانب المعتمدين لدى البلاد يوم أمس، لتقديم واجب العزاء بوفاة البابا فرنسيس الأول الذي وافته المنية بعد مسيرة استمرت 12 عاما في قيادة الكنيسة الكاثوليكية.
وفي تصريحات أدلى بها على هامش مراسم العزاء، قال سفير الفاتيكان لدى البلاد المطران يوجين مارتن نوجينت إن «العالم اليوم يلتئم لتكريم إرث البابا فرنسيس، الذي ترك بصمة تشريعية ودينية كبيرة في الكنيسة».
وأشار إلى أن الراحل كان أول بابا من أميركا الجنوبية، وأول يسوعي يتولى الكرسي الرسولي، وأول بابا غير أوروبي منذ قرون، مضيفا: «البابا تميز بحياة بسيطة وانفتاح كبير وارتبط اسمه بقضايا المهاجرين والسجناء، حيث كان يزور سجون روما بانتظام كل يوم خميس، إلى جانب مناشداته المتكررة من أجل إحلال السلام، لاسيما في غزة والشرق الأوسط وأوكرانيا، ما أكسبه احتراما عالميا واسعا».
وأكد نوجينت أن إرث البابا في العالم العربي كان لافتا، حيث عزز الحوار بين الأديان، ووطد العلاقات الإسلامية – المسيحية من خلال زيارات بارزة للإمارات والبحرين والعراق، مشيرا إلى أن هذا الإرث يحتاج الى وقت لفهم أبعاده العميقة. كما أوضح أن الإجراءات الخاصة بانتخاب البابا الجديد ستبدأ بعد جنازته المقررة السبت المقبل، من خلال اجتماعات تمهيدية للكرادلة، على أن يعقد الاجتماع الرسمي للانتخاب خلال عشرة أيام من الجنازة، بمشاركة 135 كاردينالا دون سن الثمانين، وسط توقعات بألا تستغرق العملية أكثر من يومين أو ثلاثة.
من جهته، قال السفير الإماراتي د.مطر النيادي إن العالم خسر برحيل البابا فرنسيس شخصية رسخت قيم السلام والتسامح والتعايش، وكان صوتا معارضا للحروب والعنف، مقدما خالص العزاء للمسيحيين في العالم، الذين فقدوا رجل تسامح ودولة، وداعية للتعايش.
كما أعرب السفير العماني د.صالح الخروصي عن حزنه العميق، مشيدا بجهود البابا في التقريب بين الأديان والعمل من أجل السلام العالمي، واصفا إياه بـ «الإنسان المفعم بالإنسانية والتعاطف، وأن الكنيسة والعالم خسروا برحيله شخصية ملهمة، متمنيا أن يسير خليفته على نفس النهج».
وفي السياق ذاته، أكد السفير الروسي فلاديمير جيلتوف أن الطريق لا يزال طويلا بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، إلا أن الحوار مستمر، معبرا عن أمله في بناء جسور تواصل حضاري وديني بين الطرفين.
وأضاف: «نؤمن بأن القيم الإنسانية تجمع كل المسيحيين، ونحن نسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة لتحقيق السلام، تراعي مصالح الجميع دون تنازلات سياسية».
السفير الإيراني محمد توتونجي فقد وصف البابا الراحل بأنه من أبرز الشخصيات الدينية الشجاعة، مشيرا إلى مواقفه الجريئة في الدفاع عن قضايا الشعوب، خاصة المهاجرين، والقضية الفلسطينية، وأوكرانيا.
ولفت إلى أن البابا انتقد الحضارة الاستهلاكية، وأبدى احتراما كبيرا لإيران وحضارات العالم القديمة، معتبرا رحيله «خسارة لا تعوض في هذه المرحلة العالمية الحساسة».
أما القائم بالأعمال اللبناني أحمد عرفة فقد استذكر مناقب البابا قائلا: «كان رمزا إنسانيا، لاسيما خلال جائحة كورونا عندما صلى وحيدا تحت المطر من أجل الإنسانية»، مؤكدا أن «لبنان يفقد صديقا كان دائم الحضور في صلواته وخطاباته».
من جانبه، قال المطران بدروس مانويليان مطران الأرمن الأرثوذكس في الكويت والدول المجاورة، إن البابا الراحل فتح صفحة جديدة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، وأسهم في تعزيز الحوار مع الدول الإسلامية، مشددا على أن خسارته ليست مقتصرة على الكنيسة بل تشمل جميع الكنائس.
واختتم القمص بيجول الأنبا بيشوي، راعي كاتدرائية مارمرقس في الكويت، قائلا: «نشارك إخوتنا الكاثوليك الحزن برحيل رمز ديني ووطني عظيم، قضى حياته في الدفاع عن المهمشين والقضايا العالمية، وعلى رأسها فلسطين وأوكرانيا، فرحيل البابا فرنسيس الأول خلف حزنا عالميا عميقا، وترك إرثا إنسانيا وروحيا سيبقى محفورا في ضمير الشعوب والأديان».