شهد مجال الاتصالات الإنسانية تحولاً ملحوظاً على مر السنين، تأثراً بالتطورات التكنولوجية والحاجة المتزايدة لمعالجة الأزمات العالمية آنياً. اعتمدت المنظمات الإنسانية تقليدياً على وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعية والتقارير الرسمية لنشر المعلومات. أحدث العصر الرقمي ثورة في هذا المجال، متيحةً تحديثات آنية، وسرد القصص عبر الوسائط المتعددة، والتفاعل المباشر مع الجماهير العالمية. لعبت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث المباشر والصحافة الرقمية دوراً حاسماً في إيصال أصوات مجتمعات النازحين، وإبراز قصصهم وحشد الدعم الجماهيري. مع صعود الواقع الافتراضي والبودكاست والذكاء الاصطناعي، أصبحت المناصرة الإنسانية أكثر ديناميكية، مما عزز الوعي العالمي وكافح المعلومات المضللة.
من بين الشخصيات الرئيسية التي تقود هذا التحول محمد الحواري، الصحافي المتميز، وأخصائي الاتصالات الإنسانية، والمؤلف، الذي أمضى سنوات في سد الفجوة بين وسائل الإعلام العالمية ومجتمعات اللاجئين. منذ منتصف عام ٢٠١٤، لعب الحواريدورًا حيويًا في الإعلام الإنساني، حيث عمل مسؤولًا للإعلام والاتصالات، ومنشئًا للمحتوى، ومديرًا لوسائل التواصل الاجتماعي، ومتحدثًا باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن. على مدار سبع سنوات، وضع المفوضية في مركز اهتمام وسائل الإعلام العالمية، مستخدمًا خبرته لإضفاء طابع إنساني على قصص اللاجئين والتواصل مع الجماهير الدولية. حظي عمله بتقدير واسع، وحصل على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة أفضل استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي في العمل الإنساني في قمة وسائل التواصل الاجتماعي، وجائزة المتحدث الإنساني الأكثر تميزًا التي قدمتها الحكومة الألمانية، ووسام الشرف من الجيش الأردني لتمثيله المنظمات الإنسانية في أزمات اللاجئين.
في عام ٢٠٢١، دعا المكتب الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الحواريللانضمام كمتحدث رسمي. تميزت فترة عمله بتغطية الكوارث الإنسانية الكبرى، بما في ذلك زلزال تركيا وسوريا، وفيضانات ليبيا، والصراعات في السودان، والحرب في غزة. من خلال عمله، دعا باستمرار إلى الوحدة العالمية والدعم الإنساني، مستخدمًا قنوات إعلامية مختلفة لرفع مستوى الوعي وتحفيز العمل. بفضل قدرته على توظيف الوسائط الرقمية والتواصل الفوري، أصبح صوتًا رائدًا في مجال المناصرة الإنسانية. قبل دخوله العمل الإنساني، أمضى الحواري17 عامًا في الصحافة، حيث عمل مراسلًا تلفزيونيًا وصحفيًا في مناطق النزاع. بدأ مسيرته المهنية مع رويترز خلال حرب الشيشان الثانية، حيث غطّى المناطق التي مزقتها الحرب ومناطق الأزمات. لاحقًا، انضم إلى وكالة فرانس برس (AFP)، حيث طوّر خبرته في التحقيقات الاستقصائية وصحافة الحرب. وقد أرسى فهمه العميق لتقارير النزاعات والتواصل في أوقات الأزمات أسس انتقاله إلى الإعلام الإنساني، مما سمح له بتوظيف خبراته الشخصية في جهوده في المناصرة.
إلى جانب الصحافة، يُعدّ الحواريكاتبًا بارعًا. تروي روايته “علكة” ست قصص واقعية للاجئين، مُسلّطةً الضوء على معاناة النازحين وصمودهم. روايته الثانية “زيت يسرج به القنديل”” قيد الإنجاز حاليًا، مما يُجسّد التزامه باستخدام الأدب كأداة للمناصرة. من خلال سرد القصص، سعى الحواريإلى إضفاء طابع إنساني على تجربة اللاجئين، مُتحدّيًا الصور النمطية، ومُعزّزًا التعاطف بين القراء.
إدراكًا منه لقوة الإعلام الرقمي، تبنّى الحواريتقنيات الاتصال الحديثة لتحدي المفاهيم الخاطئة والتأثير على الإدراك العام. أنشأ بودكاست “كاسيت”، الذي يُقدّم مناقشات مُعمّقة حول القضايا الإنسانية والأزمات العالمية. في عام ٢٠١٣، أطلق أول بودكاست فيديو على الإطلاق بعنوان “الاريكة”، مُستخدمًا المنصات الرقمية للتواصل مع الجماهير العالمية ومشاركة قصص قد لا تُسمع لولا ذلك. لقد أعاد نهجه المُبتكر في الإعلام تعريف كيفية تفاعل المنظمات الإنسانية مع الجمهور وإيصال رسالتها. يتقن محمد الحواري اللغات العربية والإنجليزية والروسية والتركية، وقد أتاحت له قدراته اللغوية المتعددة التفاعل مع مجتمعات متنوعة حول العالم. يبلغ الحواريمن العمر 48 عامًا، وهو أبٌ مُخلص لابنتيه آسيا ولطيفة. إلى جانب مساعيه المهنية، لديه شغفٌ عميقٌ بالسفر حول العالم على دراجته النارية، والانغماس في ثقافاتٍ مختلفة، واستكشاف التنوع اللغوي. وقد أثرت قدرته على التنقل بين بيئاتٍ ثقافيةٍ متعددةٍ جهوده في سرد القصص والمناصرة، مما جعله شخصيةً فريدةً ومؤثرةً في مجال الاتصالات الإنسانية.
تُجسّد مسيرة محمد الحواري المهنية تطور الاتصالات الإنسانية، حيث تمزج الصحافة التقليدية مع تقنيات الإعلام الحديثة لتضخيم أصوات المجتمعات النازحة والمهمشة. وقد شكّل عمله السرديات العامة، وأثر على الجهود الإنسانية العالمية، وألهم الأجيال القادمة من خبراء الاتصالات لسد الفجوة بين الأزمة والتعاطف.