سلِ الظّبياتِ بالشّالِ الحَريْرِ
وَقدْ حطّتْ رِحالُكَ في عسيرِ
إذَا كُنّ الخُدودُ زُرِعْنَ وردًا
فهلْ جَلَدُ القُلوبِ من الصخورِ؟!
عَذَارى كُلّمّا قَلّبْتُ طَرْفِي
ذكرتُ مَواقِعَ السّيفِ الشَّطِيْرِ
فقلتُ، وقدْ أشَرْنَ إليّ: (أرحبْ)
فتى يخْشى المسِيرَ إلى القبورِ
رِجالٌ في السّراتِ لهم عيونٌ
كَعيْنِ البازِ في سربِ الصُّقورِ
وفيهم من جَبْل (عكران) طبعٌ
صمودُ الأرضِ في وجهِ المَصِيرِ
فما تلكَ الظباءُ -وإنْ تَثَنّتْ-
تثنّي الماءَ من نبْعِ الغديرِ
تلينُ عليكَ أو تدنو لِقُربٍ
ولو وثّقتَ سَعْيكَ بالنُّذُورِ
فدعْ عنكَ الهوى و(اشبحْ) بعينٍ
تعينُ الرأيَ في القلبِ البصيرِ
ففي أيفاعِ تلك الأرضِ قومٌ
لهم عَهْدٌ بتقطيعِ الدّبورِ
رجالٌ يعرفُ التاريخُ منهم
مرامي النبل في مُهَجِ الصُّدورِ
على الأعداءِ مطلبُهم عسيرٌ
جبالٌ لا تَلينُ مدى الدُّهورِ
ولكنْ مَدّ مَنْ أمّلتَ منهم
كوبْلِ الغيثِ في الجو المطيْرِ
تحيّرُكَ الكفوفُ من العطايا
فبذلُ الطفلِ من بذلِ الكبيرِ
لهم في حضرةِ الأضياف بِشْرٌ
يكادُ صَداه يصْدحُ في القُدُورِ
فإنْ قاموا لـ(خطوتهم) ودارتْ
صفوفٌ مثلَ راقمةِ السّطورِ
رأيتَ السّهلَ يرْقُصُ والروابي
تميلُ عليكَ من طَرَبِ الزُّهورِ
وغَيْماتِ السماءِ يمسنَ ميّسًا
على جبلٍ كما الشّيخِ الوقورِ
وإنْ أنسَ فلا أنْسى -حياتي-
جمالَ القطِّ في البيتِ العسيري
وطعمَ عريكةٍ عركتْ فؤادي
كعَركِ الشّوكِ في حنكِ البعيرِ
و(يطْعنّي) و(بي عنكم)، وما هِيْ
سوى بعض التلطف في الأمورِ
(مذابكِ) أيّها القلبُ المُعنّى
تُرفرفُ مثلَ أجنحةِ الطيورِ؟!
ذكرتَ منازلًا فأرقتَ ليلا
لبرقٍ من تهامةَ مستطيرِ!
وقدْ عَلِمَ الذينَ نزلتَ فيهم
بأنّكَ ما اقتدرتَ على المَسيرِ
ففدّتكَ القلوبُ فكلّ حيّ
يُلاقِي بالبشَاشةِ والحُبورِ
ومدَّ أميرُهم بالبذلِ كفًّا
تُباهي بالكثيرِ على الكثيرِ
لتُركي بِنْ طلال سنًا تراه
على السرواتِ كالبدر المنيرِ
أميرٌ قدْ حباه الله كفًّا
ككفِّ الغيثِ والبحرِ الغزيرِ
فدمْ لمَواطِنِ الأمجادِ رمزًا
ولا غابتْ شُموسُكَ من أميرِ