حذرت منظمات طبية متعددة من تدهور حاد في الوضع الصحي للمرضى في قطاع غزة، مع التركيز بشكل خاص على نقص الأدوية وتأثيره على علاج الأمراض المزمنة. هذا النقص يهدد حياة الآلاف، ويؤدي إلى توقف العمليات الجراحية الضرورية، ويضعف قدرة المستشفيات على تقديم الرعاية الأساسية. وتأتي هذه التحذيرات في ظل استمرار الأزمة الإنسانية وتصاعد الاحتياجات الطبية.
أكدت جمعية الإغاثة الطبية في غزة، يوم الثلاثاء، أن الأوضاع الصحية للمرضى المصابين بأمراض مزمنة تتفاقم بشكل ملحوظ بسبب نقص حاد في الأدوية، بالإضافة إلى منع العديد من المرضى من السفر لتلقي العلاج في الخارج. ووفقًا للجمعية، فإن الوضع يتطلب تدخلًا عاجلاً لتوفير الإمدادات الطبية الضرورية وضمان وصولها إلى المحتاجين.
تفاقم أزمة الأدوية في قطاع غزة
أشار محمد أبو عفش، مدير الإغاثة الطبية في غزة، إلى أن مئات المرضى يواجهون مخاطر صحية جسيمة نتيجة لعدم قدرتهم على الحصول على العلاج اللازم. وأوضح أن هناك ما يقرب من 1200 حالة وفاة بين المرضى الفلسطينيين مرتبطة بنقص الأدوية وعدم القدرة على إكمال العلاج خارج القطاع، على الرغم من عدم وجود إطار زمني محدد لهذه الحالات. هذه الأرقام تعكس حجم المعاناة التي يعيشها المرضى في غزة.
تأثير النقص على العمليات الجراحية
وبحسب أبو عفش، توقفت معظم العمليات الجراحية التخصصية، وخاصة في مجال جراحة العظام، بسبب نقص الإمدادات والمستلزمات الطبية الأساسية. هذا التوقف يؤثر بشكل كبير على المرضى الذين يحتاجون إلى تدخلات جراحية عاجلة، وقد يؤدي إلى مضاعفات صحية دائمة.
في سياق متصل، أصدرت وزارة الصحة في غزة، يوم الأحد، بيانًا حذرت فيه من تدهور غير مسبوق في مخزون الأدوية داخل مستشفيات القطاع. وذكرت الوزارة أن نسبة العجز في الأدوية الأساسية بلغت 52%، بينما وصلت نسبة العجز في المستهلكات الطبية إلى 71%. هذه النسب تشير إلى أن النظام الصحي في غزة على وشك الانهيار.
يأتي هذا النقص في الأدوية في وقت يشهد فيه قطاع غزة ضغوطًا متزايدة على نظامه الصحي، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة والقيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع. بالإضافة إلى ذلك، فإن جائحة كوفيد-19 والحرب الأخيرة قد أدت إلى تفاقم الأزمة الصحية وزيادة الطلب على الأدوية والمستلزمات الطبية. الأدوية أصبحت سلعة نادرة تؤثر على حياة الكثيرين.
الرعاية الصحية في غزة تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، ولكن هذه المساعدات غالبًا ما تكون غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن القيود الإسرائيلية على إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى غزة تعيق جهود الإغاثة وتزيد من معاناة المرضى. وتشير تقارير إلى أن هناك تأخيرات متكررة في وصول الشحنات الطبية إلى غزة، مما يؤدي إلى نفاد الأدوية وتدهور الأوضاع الصحية.
الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، منتشرة على نطاق واسع في قطاع غزة، وتتطلب علاجًا مستمرًا. ولكن بسبب نقص الأدوية، فإن العديد من المرضى غير قادرين على الحصول على العلاج اللازم، مما يعرض حياتهم للخطر. وتشير الإحصائيات إلى أن هناك أكثر من 150 ألف مريض مصاب بأمراض مزمنة في غزة يحتاجون إلى رعاية طبية مستمرة.
في المقابل، تسعى المنظمات الدولية والمحلية إلى تقديم المساعدة الطبية اللازمة للمرضى في غزة، ولكن جهودها تواجه صعوبات كبيرة بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المعقدة. وتدعو هذه المنظمات إلى رفع القيود المفروضة على إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية إلى غزة، وضمان وصولها إلى المحتاجين. كما تدعو إلى زيادة المساعدات الطبية المقدمة لقطاع غزة، لمساعدة النظام الصحي على مواجهة التحديات المتزايدة.
من المتوقع أن تستمر الأزمة الصحية في غزة في التدهور خلال الأسابيع القادمة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية. وتترقب المنظمات الطبية ردود فعل المجتمع الدولي، وتأمل في أن يتم تقديم المزيد من المساعدات لإنقاذ حياة المرضى في غزة. وستراقب عن كثب أي تطورات في المفاوضات الجارية لرفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات إلى القطاع.












