أثارت واقعة تصوير الفنانة المصرية ريهام عبد الغفور في أحد دور السينما جدلاً واسعاً حول خصوصية الفنانين في الأماكن العامة، وتطبيق بنود قانون تنظيم الصحافة والإعلام. وقد أكدت الفنانة نفسها على أن القانون يضع قيوداً صارمة على نشر المواد المرئية الخاصة بالفنانين، حتى تلك التي يتم التقاطها في الأماكن العامة أو خلال التغطية الصحفية. وتأتي هذه القضية في ظل تزايد المخاوف بشأن انتهاك الخصوصية في العصر الرقمي.
الواقعة بدأت بعد تداول مقطع فيديو للفنانة ريهام عبد الغفور في دار السينما، مما دفعها إلى التعليق علناً عبر حسابها على فيسبوك. وأعربت عن قلقها بشأن الاستخدام غير القانوني لهذه الصور والفيديوهات، خاصةً إذا كان يهدف إلى الإساءة أو الإثارة دون وجود قيمة إخبارية حقيقية. وقد أدى هذا التداول إلى رد فعل سريع من نقابة المهن التمثيلية.
تطبيق قانون تنظيم الصحافة والإعلام وحماية خصوصية الفنانين
ينص قانون تنظيم الصحافة والإعلام المصري رقم 180 لسنة 2018 على حماية الحياة الخاصة للأفراد، ويحظر نشر أي معلومات أو صور أو مقاطع فيديو تمس بسمعتهم أو كرامتهم دون موافقتهم. ويشمل هذا الحظر حتى التصوير في الأماكن العامة، إذا كان الهدف من التصوير هو الإساءة أو التشهير.
وفقاً للمادة 39 من القانون، يُحظر على وسائل الإعلام نشر أو بث أي معلومات شخصية تتعلق بحياة الأفراد الخاصة، إلا إذا كانت ذات أهمية عامة أو تتعلق بقضية من القضايا المثارة أمام الرأي العام. ويترك تقدير الأهمية العامة للقاضي.
إجراءات نقابة المهن التمثيلية
أعلنت نقابة المهن التمثيلية، برئاسة الدكتور أشرف زكي، عن اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد المتورطين في تصوير ونشر الفيديو. وتشمل هذه الإجراءات طلب تفريغ كاميرات المراقبة في دار السينما لتحديد هوية الأشخاص الذين قاموا بالتصوير.
وأكدت النقابة في بيان رسمي أنها ترفض بشدة أي محاولة لانتهاك الخصوصية للفنانين، وتعتبر ذلك تعدياً على حقوقهم الأساسية. كما دعت إلى احترام المعايير المهنية والأخلاقية في العمل الإعلامي.
ردود فعل واسعة النطاق
أثارت الواقعة جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبر العديد من الفنانين والمواطنين عن دعمهم لريهام عبد الغفور وإدانتهم لتصرفات من قاموا بالتصوير والنشر. وتداول مستخدمو الإنترنت هاشتاجات تطالب بتطبيق القانون وحماية الحياة الخاصة للفنانين.
في المقابل، رأى البعض أن التصوير في الأماكن العامة حق مكفول للجميع، وأن الفنانين، بحكم كونهم شخصيات عامة، يجب أن يتحملوا بعض القيود على خصوصيتهم. لكن هذا الرأي قوبل بانتقادات واسعة، حيث أكد المؤيدون لريهام عبد الغفور أن الحق في الخصوصية حق أساسي لا يجوز المساس به، بغض النظر عن مكانة الشخص.
بالإضافة إلى ذلك، أعربت النقابة عن استيائها من استخدام الهواتف المحمولة المزودة بكاميرات خلال العرض الخاص لفيلم “خريطة رأس السنة”. واعتبرت هذا السلوك غير مقبول، خاصةً في المناسبات الخاصة التي تتطلب احتراماً للخصوصية.
تحديات تطبيق القانون
على الرغم من وجود قانون واضح لحماية الخصوصية، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع يواجه بعض التحديات. أحد هذه التحديات هو صعوبة تحديد هوية الأشخاص الذين يقومون بالتصوير والنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سرعة انتشار المعلومات على الإنترنت تجعل من الصعب وقف تداول الصور والفيديوهات المسيئة بمجرد نشرها. ويتطلب ذلك جهوداً مكثفة من الجهات المعنية لمراقبة المحتوى الرقمي واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين.
كما أن هناك جدلاً حول تعريف “الأهمية العامة” في سياق نشر المعلومات الشخصية. فما يعتبره البعض ذا أهمية عامة قد لا يعتبره البعض الآخر كذلك. وهذا يتطلب وجود معايير واضحة ومحددة لتحديد ما إذا كانت المعلومات الشخصية تستحق النشر أم لا.
من ناحية أخرى، يرى بعض الخبراء القانونيين أن القانون الحالي قد يكون غير كافٍ لحماية خصوصية الفنانين بشكل كامل، وأن هناك حاجة إلى تعديلات جديدة لتعزيز الرقابة على المحتوى الرقمي وتغليظ العقوبات على المخالفين.
من المتوقع أن تستمر نقابة المهن التمثيلية في متابعة هذه القضية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية حقوق الفنانين. كما من المحتمل أن يتم مناقشة هذه القضية في البرلمان المصري، بهدف بحث إمكانية تعديل قانون تنظيم الصحافة والإعلام لجعله أكثر فعالية في حماية الخصوصية في العصر الرقمي. وسيكون من المهم متابعة تطورات هذه القضية لمعرفة ما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات حقيقية في طريقة التعامل مع الحياة الخاصة للفنانين.













