شهد معرض جدة للكتاب 2025 نقاشًا هامًا حول مستقبل المشهد العمراني في المملكة العربية السعودية. استضاف المعرض، بتنظيم من هيئة الأدب والنشر والترجمة، ندوة حوارية بعنوان “ملامح الهوية في العمارة السعودية المعاصرة”، شارك فيها المهندس فهد اللويحان، وأدارتها الأستاذة إسراء فته. ركز الحوار على كيفية تحقيق التوازن بين التراث والابتكار في تطوير المدن السعودية، مع التركيز على أهمية العمارة السعودية المعاصرة في عكس الهوية الوطنية.
أقيمت الندوة في مركز الملك عبد العزيز الثقافي بجدة خلال فعاليات المعرض التي تستمر حتى [تاريخ انتهاء المعرض]. وناقش المهندس اللويحان التحديات والفرص التي تواجه المعماريين والمخططين الحضريين في المملكة، خاصةً مع المشاريع الطموحة التي تشهدها البلاد ضمن رؤية 2030. وقد حظيت الجلسة باهتمام كبير من الحضور، الذي ضم نخبة من المهندسين المعماريين والمهتمين بالشأن العمراني.
أهمية الهوية في العمارة السعودية المعاصرة
أكد المهندس فهد اللويحان على أن مفهوم الهوية في العمارة السعودية المعاصرة لا يقتصر على استنساخ الأساليب التقليدية، بل يتعدى ذلك إلى استلهام القيم والمبادئ التي قامت عليها البيئة والثقافة السعودية. وأضاف أن هذه القيم يجب أن تتجلى في التصميمات الجديدة بحيث تعكس أصالة المكان وتراثه.
دور التكنولوجيا والمشاريع الوطنية
ناقش اللويحان الدور الذي تلعبه التقنيات الحديثة في تطوير العمارة السعودية المعاصرة، موضحًا إمكانية استخدامها في تحسين كفاءة الطاقة، وتوفير مواد بناء مستدامة، وتصميم مبانٍ ذكية تلبي احتياجات المستخدمين. وبين أيضًا أن المشاريع الوطنية الكبرى، مثل “نيوم” والوجه السياحية، تمثل فرصة حقيقية لتطبيق أحدث المعايير العمرانية، مع الحفاظ على الهوية الثقافية للمملكة.
كما استعرض عدة أمثلة عملية لكيفية دمج عناصر التصميم التقليدي في المشاريع الحديثة، مثل استخدام النوافذ المعرقة، والزخارف الإسلامية، والمواد المحلية. وأشار إلى أهمية التعاون بين المعماريين والمخططين الحضريين من جهة، والحرفيين المحليين من جهة أخرى، لضمان الحفاظ على المهارات الحرفية التقليدية ونقلها إلى الأجيال القادمة.
الاستدامة وجودة الحياة
أوضح اللويحان أن الاستدامة وجودة الحياة هما عنصران أساسيان في العمارة السعودية المعاصرة. وأشار إلى أن ميثاق الملك سلمان للعمارة والعمران يؤكد على أهمية تصميم مبانٍ صديقة للبيئة، وتوفير مساحات خضراء عامة، وتشجيع المشي وركوب الدراجات.
وتعتبر جودة الحياة من الركائز الأساسية لرؤية 2030، وتسعى المملكة إلى تحسينها من خلال تطوير البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، وتعزيز الأنشطة الثقافية والترفيهية. ويتطلب تحقيق ذلك تصميم مدن متكاملة تلبي احتياجات السكان وتوفر لهم بيئة صحية وآمنة ومريحة.
بالإضافة إلى ذلك، ناقشت الندوة أهمية التخطيط الحضري الشامل ومراعاة الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. وتطرق المتحدث إلى ضرورة إشراك المجتمع المحلي في عملية صنع القرار، لضمان أن تكون المشاريع العمرانية الجديدة متوافقة مع تطلعاتهم واحتياجاتهم. يمثل التخطيط العمراني المستقبلي تحديًا كبيرًا يتطلب رؤية واضحة وتنسيقًا فعالًا بين جميع الجهات المعنية.
وصفت الأستاذة إسراء فته، مديرة الندوة، النقاش بأنه مثمر للغاية، وأشارت إلى أن مثل هذه الحوارات تساهم في رفع مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في المشاريع العمرانية. كما ذكرت أن هيئة الأدب والنشر والترجمة تسعى إلى تنظيم المزيد من الفعاليات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز الحوار وتبادل الأفكار بين المتخصصين والمهتمين.
في الختام، شدد المهندس اللويحان على أن ميثاق الملك سلمان للعمارة والعمران يمثل إطارًا مرجعيًا شاملاً لتوجيه العمارة السعودية المعاصرة، ويعزز قدرتها على الجمع بين الأصالة والمعاصرة والتراث والابتكار. وأوضح أن العمارة لم تعد مجرد بناء للمباني، بل هي منظومة متكاملة تترجم هوية الوطن وتسهم في بناء مدن إنسانية مستدامة للأجيال القادمة.
من المتوقع أن تستمر هيئة الأدب والنشر والترجمة في تنظيم ورش عمل وندوات متخصصة حول ميثاق الملك سلمان للعمارة والعمران خلال الأشهر القادمة. وينتظر إصدار المزيد من التقارير والدراسات التي تتناول تطبيق الميثاق في المشاريع العمرانية الجارية. ستعتبر متابعة تنفيذ هذه المبادئ، والتقييم المستمر لنتائجها، أمرًا بالغ الأهمية لضمان تحقيق رؤية المملكة في بناء مدن حديثة ومستدامة تحافظ على هويتها الثقافية.













