يوسف غانم
نظراً لأهمية «الذكاء الاصطناعي» وتسارع تطور تطبيقاته وبرامجه المتنوعة، جاء إصدار كتاب «قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي والقوانين الخاصة (التشريعات الكويتية نموذجاً).. دراسة مقارنة» للمستشارة والكاتبة المحامية تهاني الظفيري المختصة في القانون الدولي، كأول كتاب قانوني شامل يتناول قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي بنظرة شمولية فنية وقانونية مع دراسة قانونية.
وتناولت الظفيري في فصول الكتاب الأربعة عدداً من المباحث والمطالب والعديد من الأطروحات القانونية المتعلقة بقانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي، ومقارنة التشريع الكويتي بمسألة التقنيات الذكية، مشيرة إلى الكتاب يعد مرجعاً مهماً للباحثين والأكاديميين المختصين في الذكاء الاصطناعي والتقنيات، بالإضافة إلى أنه يمكن لطلبة الجامعات، والمهتمين بـ «السوشيال ميديا» ووسائل التواصل الاجتماعي الاستفادة منه، ففي الفصل الأول كان موضوعها «ماهية الذكاء الاصطناعي» للتعرف على الذكاء الاصطناعي وتعريفه وأهميته وأنواعه، وأيضا «نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي» واستخداماته وتطبيقاته.
أما الفصل الثاني فكان عن «الممارسات المحظورة للذكاء الاصطناعي» وفيه تطرقت المؤلفة إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي عالي الخطورة، وتصنيف أنظمة الذكاء الاصطناعي عالي الخطورة، ومتطلبات أنظمة الذكاء الاصطناعي عالي المخاطر، والأنظمة الأمنية والقانونية لإدارة المخاطر، والإدارة الفاعلة للبيانات، والترسانة السيبرانية.
وفي الفصل الثالث تعرّفنا المستشارة الظفيري على «حوكمة الابتكار الذكي الصناعي»، وتدابير دعم الابتكار الرقمي، وصناديق الحماية التنظيمية، وحوكمة الذكاء الاصطناعي، والحوكمة على مستوى الاتحاد، والتحكم في أنظمة الذكاء الاصطناعي في سوق الاتحاد، ومدونات قواعد السلوك والمبادئ التوجيهية.
وجاء الفصل الرابع لتقدم الظفيري إلى القارئ «الجرائم والعقوبات»، متناولة صور الجرائم المتعلـقـــة بالذكــــــــاء الاصطناعي، والحقوق الإنسانية في بيئة الذكاء الاصطناعي، وأنواع الجرائم المتصلة بالذكاء الاصطناعي، والعقوبات التشريعية للجرائم ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي، والمسؤولية المدنية، والمسؤولية الجزائية.
وتعرّف الظفيري في مقدمة الكتاب «الذكاء الاصطناعي» بأنه لغة الثورة الصناعية الخامسة التي نعيش بداياتها مع التطبيقات التوليدية الناتجة عن هذا التطور التقني المتسارع باطراد ليسهم في ازدهار العديد من المجالات الحيوية التي تؤثر في مدى جودة حياة الإنسان بشكل مباشر، لامتلاكها القدرات المعرفية التي تؤهلها إلى عمل العديد منم العمليات الاستباقية كاستشراف المستقبل بناء على المعطيات الحالية والسابقة المخزّنة، مما يتيح لها قدراً كبيراً من الانتاج التنافسي الإبداعي وفرصاً كبيرة لبناء مشاريع استثمارية معرفية رقمية وبنية تحتية حيوية من الذكاء الاصطناعي بأقل التكاليف بفضل اعتبارها تكنولوجيا صديقة للبيئة ومتطورة، مما يسهم في حفظ الأمن البيولوجي والغذائي والطاقي، والذي بدوره يرفع مؤشر النشاط الاقتصادي والصحة النفسية الاجتماعية العامة في البيئات المحتضنة لهذه الثورة المعرفية بصورتها الإيجابية.
وتضيف الظفيري: إن ثورة الذكاء الاصطناعي تثير العديد من التساؤلات المرتبطة بالمخاطر الأمنية، والانتهاكات الحقوقية الأساسية للإنسان، ومقدار الخسائر التي تتكبدها الدول نتيجة الاختراقات المدوية للمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الشأن، في ظل الافتقار الى أدوات إنفاذ حقيقية أو بنود تنظيمية مستقلة في إطار تشريعي واحد يتناول جميع جوانب الذكاء الاصطناعي بمعايير فنية تطلعية آنية ومستقبلية، لذا تصدر الاتحاد الأوروبي المشهد، بوصفه نقطة ارتكاز الريادة العالمي في تقنين أعمال تلك الثورة الرقمية منذ بوادره، وعمل جاهداً على تطويقها بسياج تنظيمي على أسس منهجية عادلة ومتوازنة تلبي الاحتياجات العملية التي تنشئها التعاملات المادية في الأسواق التجارية الأوروبية، من إقرار العديد من القرارات الضبطية والتنظيمية وصولاً إلى اللائحة التي شكلت الأطر التشريعية الإقليمية لدول الاتحاد في التعامل مع هذا الذكاء الاصطناعي المتنامي بقدراته التي أوشكت على محاكاة البشر، لتتوعد مستقبلاً بوصولها إلى آفاق تفوق قدرات الإنسان العادي من حيث الذكاء والمعرفة.
وتوضح المؤلفة أن الاتحاد الأوروبي حرص على تأمين المصالح العامة والحقوق الشخصية والمبادئ الأساسية التي يحميها ميثاق الاتحاد، لتعزيز الثقة الإقليمية والدولية بالمنظومة القانونية والأمنية التي يعمل بها، وبما يضمن استدامة الرفاهية التكنولوجية للإنسان. وهذا يتطلب تشريع قواعد منظمة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي شديد الخطورة أو المعدّ للأغراض العامة، بما ينسجم مع الالتزامات التجارية الدولية للاتحاد والإعلان الأوروبي بشأن الحقوق والمبادئ الرقمية والتوجيهية الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، وتشريعاتها المعمول بها والتي أسبغت الحماية على البيانات والمعلومات الشخصية، والمتعلقة بحماية حقوق الطفل في بيئة رقمية صحية وسليمة، وكذلك الحقوق الشخصية للأفراد في سرية مراسلاتهم واتصالاتهم، وتمتعهم بالحياة الخاصة، من خلال الانتقاء والفرز المشروط لتصنيف البيانات بما يضمن حمايتها من الوصول غير الآمن أو غير المرغوب فيه، وحماية المستهلك أو المستخدم لتلك التقنيات من أي اعتداءات سواء على شخصه أو ماله بغير مسوغ شرعي، مع الاحتفاظ بحقه في التعويض عن الأضرار الناشئة عن أنظمة الذكاء الاصطناعي عالي المخاطر.
وأهدت الظفيري إصدارها الثقافي والقانوني وهذا المجهود إلى وطنها الغالي الكويت عاصمة الثقافة العربية 2025.