يحذر خبراء الصحة من أن ارتداء المعطف الشتوي الثقيل أو غير المصمم بشكل جيد بشكل متكرر قد يؤدي إلى مشاكل عضلية هيكلية في الظهر، بما في ذلك التوتر والتشنجات والتهيج العصبي. هذه المشكلة تزداد أهمية مع برودة الطقس وضرورة حماية الجسم من العوامل الجوية، ولكن يجب الانتباه إلى كيفية تأثير الملابس على صحة العمود الفقري. تتزايد حالات الشكاوى المتعلقة بآلام الظهر خلال فصل الشتاء، مما يستدعي توعية حول كيفية اختيار وارتداء الملابس الخارجية.
ويؤكد الدكتور إيميكا ج. نووديم، جراح العمود الفقري، أن الضرر لا ينتج عن المعطف نفسه، بل عن تأثير الوزن والتصميم على وضعية الجسم أثناء الحركة. الضغط الإضافي الناتج عن المعاطف الثقيلة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشاكل الموجودة مسبقًا أو حتى خلق مشاكل جديدة لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أي أعراض سابقة.
كيف يغير المعطف الشتوي شكل حركة الجسم؟
توضح الدكتورة شيري ماكاليستر أن وزن المعطف، خاصة الثقيل منه، قادر على تغيير ميكانيكية الجسم بطريقة مشابهة لتأثير السترات الموزونة أو معدات الجيش. مع مرور الوقت، يعوّض الجسم هذا الوزن من خلال انحناء الرأس إلى الأمام وفقدان الانحناءة الطبيعية للرقبة، مما قد يضيف ما يعادل 10 إلى 60 رطلاً من الضغط على العمود الفقري. هذا التغيير في الوضعية يمكن أن يؤدي إلى آلام مزمنة وتصلب في الرقبة والظهر.
ويضيف الأطباء أن الوزن الزائد يجبر الجزء العلوي من الظهر والرقبة على بذل جهد أكبر للحفاظ على توازن الجسم، مما يسبب الشعور بالألم في نهاية اليوم. تشير الأبحاث إلى أن حمل 10-15٪ فقط من وزن الجسم قد يغير وضعية الظهر والكتفين بشكل ملحوظ. هذا التأثير يكون أكبر لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في عضلات الظهر أو البطن.
تصاميم معينة مضرة أكثر من غيرها
يحذر الخبراء من أن المعاطف الطويلة والثقيلة تُعد الأكثر إزعاجًا لوضعية الجسم، لأنها تقيد الحركة وتزيد الضغط على العمود الفقري. كما أن توزيع الوزن غير المتساوي، مثل الجيوب الأمامية الثقيلة أو القلنسوة الضخمة، يسبب ميلاً غير طبيعي للجذع. يجب تجنب المعاطف التي تفتقر إلى الدعم الكافي للظهر والكتفين.
كما تؤثر مادة المعطف بدورها على طريقة حمل الجسم له. فالمعاطف المصنوعة من الصوف الثقيل أو الجلد، رغم قدرتها العالية على التدفئة، تكون كثيفة ومرهقة للكتفين. وفي المقابل، قد تبدو المعاطف المنفوخة (Puffer) أخف وزنًا، إلا أن ضخامتها الأمامية تدفع الجسم غالبًا إلى الانحناء للخلف للتعويض عن حجمها، مما ينعكس سلبًا على وضعية الظهر. البحث عن مواد خفيفة الوزن ومرنة هو المفتاح.
وفي المقابل، فإن المعاطف القصيرة جدًا تعرّض أسفل الظهر للبرد، مما يؤدي إلى تيبّس العضلات. هذا التيبس يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بآلام الظهر وتشنجات العضلات. يجب التأكد من أن المعطف يوفر تغطية كافية لأسفل الظهر.
نصائح لاختيار المعطف المناسب
ينصح الأطباء بالانتباه إلى ثلاثة عناصر أساسية عند اختيار ملابس الشتاء: الوزن، الخامة، والحركة. يجب أن يكون المعطف خفيفًا قدر الإمكان، مصنوعًا من مواد قابلة للتمدد والتنفس مثل النايلون مع الإيلاستين أو صوف الميرينو، وأن يسمح بحرية الحركة دون أي مقاومة. الراحة والمرونة هما الأهم.
وتوصي الدكتورة ماكاليستر بالاعتماد على الطبقات بدلاً من ارتداء معطف واحد ثقيل. هذه الطريقة تسمح بتعديل مستوى الدفء حسب الحاجة وتقلل من الضغط على العمود الفقري. يمكن إضافة أو إزالة الطبقات بسهولة لتلبية الظروف الجوية المتغيرة.
طريقة الارتداء مهمة أيضًا
يشير الدكتور جيريمي سميث إلى ضرورة تقليل المدة التي يُرتدى فيها المعطف الثقيل قدر الإمكان، وتجنب وضع اليدين في الجيوب، لأن ذلك يدفع الأكتاف إلى الأمام ويزيد الضغط على الرقبة والجزء العلوي من الظهر. الحفاظ على وضعية الجسم الصحيحة أثناء ارتداء المعطف أمر بالغ الأهمية. يجب توزيع الوزن بالتساوي على الجسم.
وينصح الخبراء بالقيام بتمارين تمدد خفيفة قبل وبعد ارتداء معطف ثقيل، والحفاظ على وضعية جيدة للظهر. كما ينصح أوكوباديجو باستخدام حقيبة ظهر ذات حزامين بدلاً من الحقائب الجانبية، حفاظًا على توازن الجسم. هذه الإجراءات البسيطة يمكن أن تساعد في منع آلام الظهر والمشاكل العضلية الهيكلية.
من المتوقع أن تصدر وزارة الصحة في الأشهر القادمة توصيات تفصيلية حول اختيار وارتداء ملابس فصل الشتاء، مع التركيز على صحة العمود الفقري. سيتم نشر هذه التوصيات على الموقع الرسمي للوزارة ووسائل الإعلام المختلفة. يجب على الجمهور متابعة هذه التطورات واتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية صحتهم.













