قال الكاتب الإسرائيلي أميت سيغال، إن قدرة حركة حماس على إعادة جثامين معظم الأسرى الإسرائيليين، باستثناء ضابط الشرطة ران غفيلي، يمثل إنجازًا يعكس مستوى عالٍ من الانضباط والتنظيم داخل الحركة، ويحمل تحذيرًا مباشرًا لإسرائيل. ويأتي هذا التقييم في ظل استمرار المفاوضات الهشة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والبحث عن صيغة لتبادل الأسرى، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل هذه القضية.
وأكد سيغال، في مقال نشره في مجلة نهاية الأسبوع التابعة لصحيفة يسرائيل هيوم، أن الجيش الإسرائيلي كان يتوقع عدم تمكن حماس من استعادة بعض الجثامين بسبب القضاء على أبرز المقاتلين المطلعين على الأماكن التي تُخزن فيها، لكن الواقع أثبت عكس هذه التوقعات. هذا النجاح يعيد إلى الواجهة قدرات حماس اللوجستية والتنظيمية، ويضع القيادة الإسرائيلية أمام تحديات جديدة.
السرية والتنظيم: عوامل قوة حماس
يشير تحليل سيغال إلى أن نجاح حماس في استعادة الجثامين يحمل رسالتين رئيسيتين يجب على القيادة الإسرائيلية دراستهما بعناية. أولاً، يبرز هذا الإنجاز مدى السرية والتماسك التنظيمي الذي تتمتع به الحركة، وهو ما سمح لها بالحفاظ على معلومات حساسة للغاية على الرغم من ضغوط الحرب المستمرة.
ويعود الفضل في ذلك، وفقًا للكاتب، إلى الاهتمام الذي أولاه رئيس الحركة السابق، يحيى السنوار، لتأمين المعلومات والحد من انتشارها داخل الحركة بهدف مواجهة جهود الاستخبارات الإسرائيلية. هذه السياسة السرية جعلت دائرة المعرفة بمواقع الأسرى محدودة للغاية، مما أجبر الجيش الإسرائيلي على إحجام عن استهداف بعض المقاتلين خوفًا من فقدان معلومات حيوية عن بقية الجثامين.
ولفت سيغال إلى أن هذه العملية تثبت أن حماس لا تزال قادرة على العمل بكفاءة عالية تحت الضغط، وأن تدميرها ليس مهمة سهلة كما قد يعتقد البعض.
صعوبة تدمير حماس: تحدٍ إسرائيلي مستمر
الرسالة الأخطر التي يرى سيغال أنه يجب على إسرائيل استيعابها هي أن تدمير حماس ليس أمرًا وشيكًا. على عكس المنظمات الأخرى التي قد تنهار بتعرضها لضغوط مماثلة، فإن حماس تتمتع بهيكل تنظيمي قوي وأيديولوجية متينة تجعلها مقاومة للتفكك. تدمير حماس، وفقًا للتحليل، يتطلب استراتيجية مختلفة تمامًا.
ويرى أن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة بالغة في تحديد وتدمير شبكة الأنفاق التي تستخدمها حماس، وأن الاعتماد على القوة النارية وحدها لن يكون كافيًا لتحقيق النصر. هذه الأنفاق توفر للحركة ملاذًا آمنًا وتسمح لها بالاستمرار في القتال حتى في ظل ظروف قاسية.
وفيما يتعلق بالوضع الإنساني في قطاع غزة ، تشير التقارير إلى استمرار تدهور الأوضاع، مع نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. هذا الوضع يزيد من تعقيد المشهد ويجعل من الصعب على إسرائيل تحقيق أهدافها دون إثارة غضب المجتمع الدولي. هذا يشكل أيضًا ضغطاً إضافياً في ملف تبادل الأسرى
تداعيات اتفاق وقف إطلاق النار
ويأتي هذا التقييم في ظل حالة من عدم اليقين تحيط بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي تم التوصل إليه برعاية دولية. فالقيادة الإسرائيلية تصر على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن نزع سلاح حماس بشكل كامل، وهو أمر ترفضه الحركة بشكل قاطع. التحركات نحو نزع سلاح الحركة تبدو متعثرة.
كما أن ترسيم الحدود الجديدة بين إسرائيل والقطاع، والتي تصفها إسرائيل بـ “الخط الأصفر”، يمثل نقطة خلاف رئيسية أخرى. تُطالب إسرائيل بضمانات بأن حماس لن تعود إلى التسلح في المستقبل، بينما يرى الفلسطينيون أن هذا المطلب يمثل تدخلًا في شؤونهم الداخلية.
وفي سياق متصل، يتواجد عشرات المسلحين من حماس داخل أنفاق في منطقة رفح، ما يثير قلق إسرائيل بشأن استمرار التهديد الأمني. هذا الوضع يتطلب تعاملاً دقيقًا لتجنب أي تصعيد جديد.
من المقرر أن يلتقي المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف اليوم الجمعة في ميامي بمسؤولين كبار من قطر ومصر وتركيا لمناقشة الخطوات التالية في مسار اتفاق وقف إطلاق النار. من المتوقع أن تركز المحادثات على كيفية تجاوز العقبات التي تعترض طريق المرحلة الثانية من الاتفاق، وتحقيق تقدم ملموس في ملف تبادل الأسرى. يبقى الوضع في غزة معلقًا، مع استمرار التحديات السياسية والأمنية والإنسانية التي تهدد بتقويض أي جهود لتحقيق السلام والاستقرار.













