تشهد الحرب الروسية الأوكرانية تطوراً ملحوظاً في القدرات القتالية لكلا الطرفين، مع اعتماد كبير على الحرب الهجينة، بما في ذلك الحرب السيبرانية والطائرات المسيّرة. وقد أظهرت المعارك الأخيرة تصعيداً في استخدام هذه التقنيات، مما يعكس تحولاً في طبيعة الصراع. ويؤكد الخبراء أن هذه الحرب لم تعد مجرد مواجهة تقليدية، بل أصبحت ساحة اختبار للجيل الجديد من الأسلحة والتكتيكات.
لا تزال أوكرانيا قادرة على مواصلة القتال بفضل الدعم الغربي المستمر، والذي يعتبره المحللون العسكريون ضرورياً لصمودها في وجه القدرات العسكرية الروسية الهائلة. ومع ذلك، فإن الجانب الأبرز في هذه الحرب، التي تقترب من عامها الرابع، هو الاعتماد المتزايد على الأسلحة غير التقليدية، مثل الطائرات المسيّرة والحرب الإلكترونية.
تطور القدرات العسكرية في الحرب الأوكرانية
شهدت الحرب تطوراً سريعاً في القدرات العسكرية لكلا الجانبين. فقد استخدمت أوكرانيا طائرات بيرقدار التركية بفعالية في المراحل الأولى من الصراع، مما دفع روسيا إلى تطوير قدراتها في مجال الحرب الإلكترونية لمواجهة هذه التهديدات. وقد نجحت روسيا في تطوير أنظمة تشويش متقدمة قادرة على تعطيل عمل الطائرات المسيّرة الأوكرانية.
استخدام الطائرات المسيّرة
زاد استخدام الطائرات المسيّرة بشكل كبير من قبل كلا الطرفين، سواء في عمليات الاستطلاع أو الهجوم. وقد استخدمت روسيا طائرات “شاهد 136” الإيرانية، ثم بدأت في تصنيع نسخ محلية لمواكبة التطورات الميدانية. وتعتبر هذه الطائرات من الأسلحة الهامة في ترسانة الطرفين، نظراً لقدرتها على الوصول إلى الأهداف بدقة وتكلفة منخفضة.
في هجوم حديث، استخدمت روسيا حوالي 935 مسيّرة و3 صواريخ كينجال و35 صاروخًا من طراز “101” بالإضافة إلى صاروخ “إسكندر” واحد في هجمات على أوكرانيا. وقد تمكنت القوات الأوكرانية من إسقاط 587 مسيّرة ونحو 34 صاروخًا، مما يدل على التطور الكبير في قدرات الدفاع الجوي الأوكرانية.
تطوير تقنيات جديدة
بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة، طورت روسيا أيضاً مسيّرات تعمل بالألياف الضوئية، والتي يصعب التشويش عليها. تصل هذه المسيّرات إلى مسافة 50 كيلومترًا، مما يهدد البنية التحتية اللوجستية الأوكرانية. وقد ردت أوروبا بتزويد كييف بصواريخ هيمارس وأنظمة تشويش ومقاتلات “إف 16” لتعزيز قدراتها الدفاعية.
تركز المعارك الحالية على حدود المقاطعات التي ضمتها روسيا، وهي خيرسون ولوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا. تحاول القوات الروسية توسيع مناطق سيطرتها في لوغانسك وقطع الإمدادات عن القوات الأوكرانية. في المقابل، تقوم أوكرانيا بقصف العمق الروسي، مستهدفةً مواقع عسكرية وبنية تحتية حيوية.
أعلنت أوكرانيا عن استهداف مناطق في موسكو بعدد من الطائرات المسيّرة، بينما أفادت روسيا بإحباط محاولة تفجير خط أنابيب نفط غربي البلاد. هذه التطورات تشير إلى تصعيد محتمل في الصراع، مع توسيع نطاق الهجمات ليشمل الأراضي الروسية.
التحولات الاستراتيجية وتأثير الدعم الخارجي
تعتبر الجبهة الشرقية هي محور الصراع الرئيسي، حيث تشن روسيا هجماتها من المناطق التي تسيطر عليها، بينما ترد أوكرانيا بقصف الأراضي الروسية. وقد أظهرت المعارك الأخيرة أن روسيا تواجه صعوبات في تحقيق تقدم كبير في دونيتسك، بسبب المقاومة الأوكرانية الشديدة والدعم الغربي المستمر.
يؤكد المحللون أن الولايات المتحدة تلعب دوراً حاسماً في دعم أوكرانيا، من خلال تزويدها بالأسلحة والمعدات والتدريب. وقد ساعد هذا الدعم أوكرانيا على مواكبة التطورات الروسية، وإلحاق خسائر كبيرة بالقوات الروسية. في المقابل، تسعى روسيا إلى تعزيز علاقاتها مع دول أخرى، مثل إيران والصين، للحصول على الدعم العسكري والاقتصادي.
من المتوقع أن تستمر الحرب الروسية الأوكرانية في الأشهر المقبلة، مع استمرار القتال في الجبهة الشرقية وتصاعد التوترات في مناطق أخرى. وستعتمد نتيجة الصراع على عدة عوامل، بما في ذلك استمرار الدعم الغربي لأوكرانيا، وقدرة روسيا على تطوير قدراتها العسكرية، والتطورات السياسية والدبلوماسية. يجب مراقبة تطورات الوضع الميداني عن كثب، بالإضافة إلى المفاوضات المحتملة بين الطرفين، لتقييم السيناريوهات المستقبلية للصراع.












