انتشر على الإنترنت غلاف مزعوم يعود إلى المجلة الفرنسية الأسبوعية الساخرة “شارلي إيبدو”، يُظهر سخرية من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومن وفاة البابا فرانسيس.
وتُظهر الصورة رسماً كاريكاتورياً لزيلينسكي وهو يحمل جثمان الحبر الأعظم الراحل داخل بنك الفاتيكان، حيث يبدو وكأنه يختبئ خلف البابا ويحرّك جسده كما لو كان دمية.
ويُرفق مع الرسم تعليق ساخر يقول: “هذا أنا، البابا فرانسيس. أرجوك حوّل كل أموالي إلى أوكرانيا”.
وقد تناولت الحسابات التي شاركت هذا الغلاف وعلّقت عليه زيلينسكي بانتقادات حادة، متهمةً إياه بمطالبة حكومات العالم بالمال، واستخدام الدفاع عن أوكرانيا ضد الغزو الروسي كذريعة.
وتُعد هذه الاتهامات تكراراً لحملة شائعة يشنّها منتقدو دعم أوكرانيا، في محاولة منهم لتقويض المساندة الدولية المقدمة لكييف.
إلا أن هذه المزاعم عارية تماماً من الصحة. فببساطة، يمكن التحقق من صحة الصورة من خلال زيارة الموقع الرسمي لمجلة “شارلي إيبدو”، حيث لا وجود لهذا الغلاف على الإطلاق.
وبالرغم من الادعاء بأن الغلاف يعود إلى عدد المجلة الصادر في 23 أبريل/نيسان 2025، إلا أن مراجعة قائمة إصدارات شارلي إيبدو الحديثة تُظهر بوضوح أن عدد 23 أبريل الحقيقي مختلف تماماً في مضمونه وتصميمه.
كما أن رقم الطبعة الظاهر على الغلاف المزيّف غير صحيح أيضاً؛ إذ يحمل الرقم 1710، في حين أن الطبعة الحقيقية التي صدرت فعلاً في ذلك التاريخ تحمل الرقم 1709.
وتناولت الطبعة الأصلية موضوع وفاة البابا فرانسيس، إلا أنها سخرت من الحدث بطريقة مختلفة تماماً، حيث صوّرت خليفته على هيئة فأر، في إشارة ساخرة إلى أنه سيكون “قريباً جداً من الفقراء”.
ويظهر في الرسم التعليق التالي على لسان الجرذ: “والأكثر من ذلك، أنا رجعي، وكاره للنساء، ومعادٍ للمثليين”.
واللافت أن العديد من الحسابات التي تداولت الغلاف المزيّف على الإنترنت تنتمي إلى جهات موالية لروسيا، وتعتاد نشر الدعاية التي يروج لها الكرملين بهدف تشويه صورة أوكرانيا.
وفي هذا السياق، كانت مجلة “شارلي إيبدو” نفسها قد أصدرت تحذيراً سابقاً بشأن استغلال اسمها في إنتاج محتوى مزيف معادٍ لأوكرانيا من قبل جهات موالية لروسيا.
وقالت المجلة في بيانها: “يقوم مروّجو الدعاية الروس بإنشاء صفحات أولى مزيفة لشارلي إيبدو لإعطاء انطباع بأنها تدعم بوتين”. وأضافت: “رغم أن هذه الظاهرة ليست جديدة، إذ توجد بالفعل العديد من الصفحات الأولى المزيفة، فإن المدهش هو أنها لا تزال تُستخدم وتلقى رواجاً”.
وسبق لموقع “يوروفيريفاي” أن كشف عن حالات مشابهة من التلاعب بطبعات مزيفة للمجلة، وُظّفت في حملات تشويه ضد الرئيس زيلينسكي. ففي إحدى الحالات، صُوّر على هيئة شخصية “كوازيمودو” الشهيرة من رواية “أحدب نوتردام” للكاتب فيكتور هوغو، في محاولة أخرى للنيل منه ومن أوكرانيا ككل.
ولقد ثبت على نطاق واسع أن روسيا تسعى إلى تقويض الدعم المقدم لأوكرانيا من خلال نشر دعاية تصوّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه انتهازي يسعى لجني الأموال، ويستغل أموال دافعي الضرائب لصالحه.
ويُعد هذا الغلاف الأمامي المزيّف لمجلة شارلي إيبدو لافتًا بشكل خاص، لأنه يجمع بين شخصيتين لطالما كانتا هدفًا للتزييف العميق خلال السنوات الأخيرة: زيلينسكي والبابا فرانسيس.
فالرئيس الأوكراني، على وجه الخصوص، أصبح هدفًا رئيسيًا لحملات التضليل الإعلامي منذ أن أطلقت موسكو غزوها الشامل في فبراير/شباط 2022.
وقد تفاقمت هذه الروايات المضلّلة، التي تتّهمه بإطالة أمد الحرب وتُشكك في دوافعه للحصول على الدعم المالي، إلى درجة أن بعض الشخصيات السياسية البارزة حول العالم، مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصفته بـ”الديكتاتور”.
ومع ذلك، لا تزال الدول الغربية تقدم دعمًا ماليًا وإنسانيًا مشروعًا لأوكرانيا، فيما تظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن غالبية المواطنين الأوروبيين تؤيد هذا الدعم بشكل واضح.