لم تكد أولى جلسات محكمة الاستئناف في العاصمة نواكشوط تبدأ يوم الأربعاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني، للنظر في ما يسمى محليا بـ”ملف العشرية” الذي يُتهم فيه الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز وعدد من كبار معاونيه، بينهم اثنان من رؤساء الحكومات السابقة، حتى تقرر تأجيلها، بناء على طعن دستوري.
بدأت الجلسة، وما فتئت أن رُفعت وتأجل النظر في القضية، حتى يقرر المجلس الدستوري ما يراه بشأن الطعون المقدمة.
وتأتي أولى جلسات محكمة الاستئناف للنظر في طعون تقدمت بها النيابة العامة، وطعون أخرى تقدم بها محامو الدفاع ضد الأحكام الابتدائية الصادرة في ديسمبر من العام الماضي بحق المتهمين. اذ أدين الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع، وحكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات وتمّ تجريده من حقوقه المدنية. كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله وفرض غرامة مالية ضخمة قدرت بـ 500 مليون أوقية موريتانية أي ما يعادل 13,19 مليون يورو.
الأمر الذي رأت فيه النيابة أحكاما مخففة، واستأنفت تلك الأحكام، بينما يرى محامو الدفاع أنها أن موكليهم برؤاء من التهم المنسوبة إليهم، فطعنوا في الحكم الابتدائي، وطالبو محكمة الاستئناف بإلغاء الأحكام الابتدائية في حق موكليهم.
غير أن تشكلة المحكمة لم تكد تلئم حتى قرر المحامون أن يتقدموا بطعون دستورية، لكف يد محكمة الاستئناف عن النظر في القضية حتى يتم البت في دستورية القانون المتعلّق بالفساد وخاصة المادة الثانية منه، فقرر رئيس محكمة الاستئناف تأجيل القضية لمدّة 15 يوما، إلى حين بت المجلس الدستوري في تلك الطعون.
تداعيات سياسية للحكم الاستئنافي
ومن المتوقع أن يكون الحكم النهائي الصادر عن محكمة الاستئناف محط اهتمام كبير من قبل الرأي العام الموريتاني، نظرًا لما قد ينتج عنه من تداعيات على الصعيدين السياسي والقضائي في البلاد.
ففي الجلسة السابقة، واصل القاضي عمار ولد محمد لمين، رئيس المحكمة الجنائية المتخصصة في مكافحة الفساد، استجواب الرئيس السابق ولد عبد العزيز حول عدد من الملفات، بما في ذلك اتفاقية إنشاء المطار الجديد وبيع بعض الأراضي التابعة للدولة، إضافة إلى اتفاقية إنشاء مصنع لتجميع الطائرات.
ونفى ولد عبد العزيز أن يكون هو المسؤول الرئيسي عن كافة المخالفات التي شابت هذه الاتفاقيات، مؤكدًا أن المسؤولية تقع على عاتق اللجان القطاعية التي كانت تشرف عليها مباشرة.
ورغم إدانة الرئيس السابق، إلا أن المحكمة برأته من باقي التهم الموجهة إليه، وقد شملت القضية أكثر من 10 متهمين آخرين، بينهم عدد من المقربين من ولد عبد العزيز وكبار المسؤولين الذين شغلوا مناصب قيادية خلال فترة حكمه.
اجراءات أمنية في محيط المحكمة
وشهد محيط المحكمة انتشارا مكثفا لقوات الأمن والشرطة، بينما تم إغلاق الطرق المؤدية إلى مبنى المحكمة لضمان سير المحاكمة بشكل آمن.
يشار إلى أنّه في ديسمبر الماضي، أصدرت المحكمة المتخصصة في قضايا الفساد حكمًا بسجن الرئيس السابق ولد عبد العزيز لمدة خمس سنوات وتجريده من حقوقه المدنية. فيما أطلق سراح باقي المتهمين في القضية.
وكانت النيابة العامة قد طالبت بمعاقبة ولد عبد العزيز بالسجن لمدة 20 عامًا مع مصادرة الأموال التي حصل عليها بطريقة يزعم الادعاء أنها غير مشروعة، بالإضافة إلى فرض غرامة مالية عليه.
كما طالب الادعاء بسجن كل من رئيسي الوزراء السابقين يحيى ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير، لمدة 10 سنوات، وبفرض غرامة مالية قدرها 10 ملايين أوقية جديدة وبمصادرة أموالهما المتحصلة من جرائم الفساد، وهو ما رفضته المحكمة الابتدائية، فاستأنفت النيابة تلك الأحكام.
ويتمسك فريق دفاع الرئيس السابق أن محاكمته “سياسية”، وأن الرئيس لا يمكن أن يسأل جنائيا عما ارتكبه من أعمال خلال أداء مهامه الرئاسية. وفي المقابل، شدد رئيس لفيف محامي الطرف المدني، النقيب السابق للمحامين، إبراهيم ولد أبتي، أن الحكم كان “متساهلا جدًا” مع المتهمين.
المصادر الإضافية • أب