اختارت مجلة “تايم” الأمريكية مهندسي ومطوري الذكاء الاصطناعي شخصية العام لعام 2025، مع التركيز بشكل خاص على القيادات التي قادت هذا التطور التكنولوجي السريع. يمثل هذا الاختيار اعترافًا بتأثير الذكاء الاصطناعي المتزايد على مختلف جوانب الحياة، الاقتصاد، والسياسة الدولية. ويؤكد على التحول الجاري الذي يشهده العالم في ظل هذه التقنية الثورية.
في صدارة هؤلاء الشخصيات، يبرز جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا”، التي قفزت إلى صدارة الشركات العالمية من حيث القيمة السوقية بفضل هيمنتها على إنتاج الرقائق المتخصصة اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي. وأشارت المجلة إلى أن تأثير إنفيديا لم يقتصر على الجانب التجاري، بل امتد ليشمل التأثير على السياسات وصنع القرار على مستوى العالم.
تطورات الذكاء الاصطناعي في عام 2025
شهد عام 2025 تسارعًا غير مسبوق في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، بعد فترة من النقاشات حول المخاطر المحتملة. وفقًا للمجلة، أصبح التركيز الأكبر على الاستفادة القصوى من إمكانات هذه التقنيات في مختلف الصناعات والمجالات. وأكد هوانغ أن كل قطاع وكل دولة تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي.
وقد بلغ عدد مستخدمي تطبيق “شات جي بي تي” أكثر من 800 مليون مستخدم أسبوعيًا، مما يدل على الشعبية الواسعة والاهتمام المتزايد بالنماذج اللغوية الكبيرة. كما استثمرت شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل ميتا وغوغل وتسلا، مبالغ طائلة في تطوير البنية التحتية اللازمة لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي، وتحسين أداء الخوارزميات.
السباق العالمي نحو التفوق في الذكاء الاصطناعي
تزامن هذا التطور السريع مع سباق عالمي محتدم بين الدول والشركات للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي. تعتبر هذه المنافسة بمثابة “ثقب أسود” يبتلع رؤوس الأموال العالمية، بحسب بعض الخبراء، وذلك بسبب التكاليف الباهظة للبحث والتطوير، وشراء الرقائق المتخصصة، وتوظيف الكفاءات المتميزة.
لكن الأمر لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، إذ يمثل الذكاء الاصطناعي أيضًا أداة قوية في يد الدول، يمكن استخدامها في تعزيز القدرات العسكرية، وتحسين الأمن القومي، ومراقبة الحدود. هذا الجانب أثار قلقًا لدى بعض المحللين، الذين يحذرون من اندلاع سباق تسلح جديد قائم على الذكاء الاصطناعي.
مخاطر محتملة وتحديات مستقبلية للذكاء الاصطناعي
على الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي، إلا أنه يثير أيضًا بعض المخاوف والتحديات. حذر باحثون من تطور قدرات الأنظمة الذكية على الخداع والتضليل، مما قد يؤدي إلى انتشار الأخبار الكاذبة، والتلاعب بالرأي العام، وتقويض الثقة في المؤسسات الإعلامية. ويعتبر الأمن السيبراني من المجالات التي تتطلب اهتمامًا خاصًا، وذلك لحماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات الإلكترونية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الشركات المطورة للنماذج الكبرى توجهًا نحو استخدام أساليب تدريب متقدمة، مثل السماح للنموذج بـ”التفكير” قبل إصدار الإجابات، مما أدى إلى تحسين قدراته المنطقية والاستدلالية. هذه الأساليب تزيد من الطلب على خبراء في مجالات متنوعة، بما في ذلك الرياضيات والفيزياء والبرمجة والعلوم المتخصصة، لتصميم بيانات تدريبية أكثر تعقيدًا وفعالية. وتشير التطورات الحديثة إلى اهتمام متزايد بـالتعلم العميق والشبكات العصبية كركائز أساسية في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.
وفي الختام، يبدو أن الذكاء الاصطناعي قد أصبح قوة دافعة رئيسية في عالمنا، مع تأثيرات واسعة النطاق تمتد عبر السياسة والاقتصاد والمجتمع. من المتوقع أن يستمر هذا التوجه في السنوات القادمة، مع زيادة الاستثمارات في البحث والتطوير، وظهور تطبيقات جديدة ومبتكرة. ومع ذلك، يجب على صانعي القرار والباحثين والمجتمع ككل أن يكونوا على دراية بالمخاطر والتحديات المحتملة، وأن يعملوا معًا لتطوير إطار تنظيمي وأخلاقي يضمن الاستخدام المسؤول والمستدام لهذه التقنية القوية. من المهم ملاحظة أن التركيز سينصب على الذكاء الاصطناعي التوليدي في الفترة القادمة، مع توقع المزيد من الابتكارات في هذا المجال.













