حذرت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا من تفاقم أزمة صحية شاملة، مع تسجيل ارتفاع قياسي في حالات الإصابة بالإنفلونزا واستعداد الأطباء لخوض إضراب لمدة خمسة أيام قبل عيد الميلاد. يواجه النظام الصحي البريطاني ضغوطًا متزايدة، مما يثير مخاوف بشأن قدرته على توفير الرعاية اللازمة للمرضى خلال فصل الشتاء، خاصة مع انتشار الإنفلونزا بشكل غير مسبوق.
أكد وزير الصحة ويس ستريتينغ أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في وضع بالغ الخطورة، مشيرًا إلى أن التحديات التي تواجهها لم يسبق لها مثيل منذ جائحة كوفيد-19. ووفقًا لبيانات هيئة الخدمات الصحية الوطنية، ارتفعت حالات الإصابة بالإنفلونزا بنسبة 55% خلال أسبوع واحد، ليصل متوسط عدد المرضى الذين يتلقون العلاج في المستشفيات إلى 2660 مريضًا يوميًا.
تأثير تفشي الإنفلونزا على النظام الصحي
أوضحت المديرة الطبية لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، ميغانا بانديت، أن الطلب المتزايد على خدمات الطوارئ وسيارات الإسعاف، بالإضافة إلى الإضراب المحتمل للأطباء، وتفشي الإنفلونزا، قد وضع النظام الصحي في أسوأ حالاته هذا العام. هذا الوضع يفاقم الضغوط القائمة على المستشفيات والمراكز الصحية، مما قد يؤدي إلى تأخير في تقديم الرعاية وتدهور في جودة الخدمات.
تعتبر الزيادة الحادة في حالات الإنفلونزا مؤشرًا على ضعف المناعة المجتمعية بعد سنوات من الإجراءات الوقائية المرتبطة بالجائحة. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص الموظفين في القطاع الصحي، والذي تفاقم بسبب الإضرابات والظروف الصعبة، يزيد من صعوبة التعامل مع الأعداد المتزايدة من المرضى.
إضراب الأطباء وتداعياته
إذا تم تنفيذ الإضراب المقرر الأربعاء، فسيكون الإضراب الـ14 للأطباء منذ مارس/آذار 2023. يتعلق الخلاف الرئيسي بين الأطباء والحكومة بقضايا الرواتب وظروف التدريب. يطالب الأطباء بزيادة في الرواتب تعوضهم عن سنوات من التضخم وتضمن لهم مستوى معيشة لائقًا.
دعا وزير الصحة الأطباء إلى قبول عرض الحكومة، والذي يتضمن زيادة في عدد فرص التدريب وإعطاء الأولوية للأطباء المتدربين في بريطانيا على المتقدمين من الخارج. ومع ذلك، أكد الوزير أن الحكومة لا تستطيع الاستجابة لمطالب الأطباء بزيادة الرواتب، مشيرًا إلى زيادة قدرها 28.9% في الرواتب خلال السنوات الثلاث الماضية.
في المقابل، تصر الجمعية الطبية البريطانية على ضرورة زيادة إضافية قدرها 26% في الرواتب، معتبرة أنها ضرورية لضمان استمرار الأطباء في تقديم الرعاية للمرضى. تعتزم الجمعية إجراء استطلاع رأي عبر الإنترنت لأعضائها حول عرض الحكومة الجديد، وينتهي الاستطلاع يوم الاثنين.
التحديات السياسية والاقتصادية
يمثل الوضع في هيئة الخدمات الصحية الوطنية تحديًا سياسيًا كبيرًا لحكومة رئيس الوزراء كير ستارمر العمالية. فالجمهور البريطاني يعتمد بشكل كبير على الخدمات الصحية العامة المجانية، وأي تدهور في جودة هذه الخدمات يمكن أن يؤدي إلى استياء شعبي واسع النطاق. الرعاية الصحية هي قضية رئيسية في الأجندة السياسية البريطانية.
إضافة إلى ذلك، فإن الأزمة الصحية الحالية تزيد من الضغوط الاقتصادية على البلاد. فارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الإضرابات وتغيب الموظفين بسبب المرض، يمكن أن يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
تتفاقم المشكلة بسبب فترات الانتظار الطويلة للحصول على المواعيد الطبية، وهي أزمة مزمنة تعاني منها هيئة الخدمات الصحية الوطنية لسنوات. هذه الفترات الطويلة تزيد من معاناة المرضى وتؤخر تشخيص وعلاج الأمراض.
من المتوقع أن تعلن الجمعية الطبية البريطانية عن نتائج استطلاع الرأي يوم الاثنين، مما سيحدد ما إذا كان الإضراب سيتم تنفيذه أم لا. سيكون من المهم مراقبة تطورات الوضع في هيئة الخدمات الصحية الوطنية خلال الأيام القادمة، وتقييم تأثير تفشي الإنفلونزا والإضراب المحتمل على قدرة النظام الصحي على التعامل مع الأزمة. كما يجب متابعة أي مبادرات حكومية جديدة تهدف إلى تحسين الخدمات الطبية وتخفيف الضغوط على المستشفيات.













