أعلنت شركة ميتا، العملاق التكنولوجي، عن صفقة استحواذ كبيرة على شركة الذكاء الاصطناعي الصينية مانوس (Manus) مقابل ملياري دولار. يأتي هذا الاستحواذ في إطار سعي ميتا المكثف لتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطوير منتجاتها وخدماتها الحالية. ووفقًا لموقع تيك كرانش التقني، يُعتبر هذا الاستحواذ من أهم الخطوات التي اتخذتها ميتا مؤخرًا في هذا المجال الحيوي.
ظهرت شركة مانوس لأول مرة في ربيع هذا العام، محققةً ضجة واسعة بفضل إمكانيات مساعدها الذكي القائم على الذكاء الاصطناعي. وقد أظهر هذا المساعد قدرة فائقة على تحليل أسواق المال، والتخطيط للسفر، وحتى المساعدة في عمليات التوظيف، مما لفت أنظار المستثمرين والمختصين في هذا المجال. كما حصلت الشركة على تمويل كبير بقيمة 75 مليون دولار في أبريل الماضي.
إنفاق ميتا على الذكاء الاصطناعي يتسارع
تعد هذه الصفقة جزءًا من استراتيجية ميتا الطموحة للاستثمار بكثافة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال الاستحواذ على شركات ناشئة واعدة، وجذب الكفاءات المتميزة. وقامت الشركة بالفعل بإجراء عدة صفقات مماثلة في الأشهر الأخيرة، مما يعكس التزامها القوي بالمنافسة في هذا القطاع المتنامي. وتشمل هذه الاستثمارات أيضًا توفير حوافز مالية كبيرة للمهندسين والباحثين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي.
وتهدف ميتا من خلال الاستحواذ على مانوس إلى الاستفادة من تقنياتها المتطورة في مجال معالجة اللغات الطبيعية والفهم العميق للبيانات. ويُقال أن مساعد مانوس الذكي يتفوق في بعض الجوانب على نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، مثل تلك التي طورتها شركة أوبن إيه آي. وتخطط ميتا لدمج هذه التقنيات في منتجاتها الرئيسية، مثل واتساب وإنستغرام وفيسبوك.
ومع ذلك، قد تواجه الصفقة بعض العقبات القانونية والتنظيمية في الولايات المتحدة، نظرًا للأصول الصينية لشركة مانوس. فقد يشعر بعض صناع القرار بالقلق بشأن إمكانية وصول الحكومة الصينية إلى البيانات والمعلومات الحساسة من خلال هذه الصفقة. وقد تتطلب ميتا الحصول على موافقة الجهات الرقابية قبل إتمام الاستحواذ بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقنية التعلم الآلي التي تعتمد عليها مانوس قد تخضع لفحص دقيق للتأكد من امتثالها للمعايير الأمريكية.
تغييرات في استراتيجية ميتا
يمثل هذا الاستحواذ تحولاً ملحوظاً في استراتيجية ميتا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. فقد كانت الشركة في السابق تركز بشكل كبير على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، مثل نموذج Llama. ولكن الآن، يبدو أنها تتجه نحو تطوير نماذج مغلقة وخاصة بها، على غرار ChatGPT و Gemini، بهدف تحقيق ميزة تنافسية أكبر. ويعكس هذا التغيير إدراك ميتا لأهمية التحكم في التقنيات الأساسية، وحماية الملكية الفكرية. ويُضاف إلى ذلك الاهتمام المتزايد بـالشبكات العصبونية وتطبيقاتها.
وتشير التقارير إلى أن ميتا تخطط للحفاظ على البنية التنظيمية المستقلة لشركة مانوس في الوقت الحالي، حتى تتمكن من دمج تقنياتها في منتجاتها المختلفة بشكل سلس وفعال. ويُتوقع أن يستغرق هذا الدمج عدة أشهر، وأن يشمل إعادة تصميم بعض الميزات والواجهات في تطبيقات ميتا. ومن المرجح أن يحل مساعد مانوس الذكي محل مساعد ميتا إيه آي الحالي.
الخلفية الصينية للشركة قد تضع ضغوطًا إضافية على ميتا، مما يستدعي تدابير أمنية إضافية وأكثر صرامة لضمان حماية بيانات المستخدمين. إن نجاح ميتا في دمج مانوس بكفاءة وتنفيذ خططها الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي سيعتمد بشكل كبير على قدرتها على تجاوز هذه التحديات التنظيمية والأمنية.
من المتوقع أن تشهد الأشهر القليلة القادمة المزيد من التحركات في سوق الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الشركات الكبرى إلى تعزيز مكانتها وتوسيع نطاق نفوذها. وستكون موافقة الجهات الرقابية الأمريكية على صفقة الاستحواذ على مانوس نقطة محورية يجب مراقبتها عن كثب، حيث ستمثل إشارة مهمة حول مستقبل الاستثمارات الصينية في قطاع التكنولوجيا بالولايات المتحدة.













