:
باشرت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (“نزاهة”) في السعودية عدداً من القضايا الجنائية والإدارية خلال شهر نوفمبر 2025، وذلك في إطار جهودها المستمرة لمكافحة الفساد وحماية المال العام. وأعلنت الهيئة عن تنفيذ 6981 جولة رقابية، أسفرت عن التحقيق مع 371 شخصاً، وإيقاف 113 منهم بتهم تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي. وتأتي هذه الإجراءات في سياق رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والنزاهة في جميع القطاعات.
شملت القضايا التي تم التحقيق فيها موظفين من عدة وزارات حكومية رئيسية، بما في ذلك وزارات الدفاع والداخلية والبلديات والإسكان والتعليم والصحة. ويعد هذا التوجه مؤشراً على سعي الهيئة لتغطية واسعة النطاق في جهودها الرقابية. وذكرت الهيئة أن الإيقافات تمت بناءً على أدلة كافية تشير إلى تورطهم في ممارسات غير قانونية.
نزاهة تكثف جهودها في مكافحة الفساد
تعتبر هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة” من أهم الأجهزة الحكومية في المملكة العربية السعودية، حيث تتولى مسؤولية تطبيق نظام مكافحة الرشوة والفساد، والتحقيق في قضايا التعدي على المال العام. تأسست الهيئة بهدف تعزيز النزاهة والشفافية في القطاعين العام والخاص، وتحقيق التنمية المستدامة. وتتمتع الهيئة بصلاحيات واسعة تشمل جمع الأدلة، واستجواب المشتبه بهم، وتقديمهم للعدالة.
وتأتي عمليات الرقابة والإيقاف الأخيرة في إطار خطة عمل الهيئة السنوية، والتي تركز على استهداف القطاعات الأكثر عرضة لمخاطر الفساد، مثل المشاريع الحكومية الكبرى، والخدمات العامة، والمناقصات الحكومية. وتستخدم الهيئة أساليب رقابية متنوعة، بما في ذلك الزيارات المفاجئة، والتحريات السرية، وتحليل البيانات المالية.
تفاصيل القضايا والإجراءات المتخذة
وفقًا لبيان صادر عن “نزاهة”، فإن التهم الموجهة للموقوفين تشمل تلقي رشاوى مقابل تسهيل معاملات، واستغلال النفوذ الوظيفي للحصول على منافع شخصية، وتزوير وثائق رسمية، وغسل الأموال. وتتفاوت قيمة الرشاوى والمنافع التي تم الحصول عليها، ولكنها جميعًا تعتبر جرائم تستوجب العقاب. وتشير التقارير إلى أن الهيئة تتعاون مع الجهات الأمنية الأخرى لضمان سير التحقيقات بشكل سلس وفعال.
في بعض الحالات، تم إطلاق سراح المشتبه بهم بكفالة ضامنة، وذلك بعد تقديمهم تعهدات بالتعاون مع الجهات التحقيقية وحضور جلسات الاستماع. لكن الهيئة تؤكد أنها ستواصل متابعة هذه القضايا حتى يتم الوصول إلى الحقائق الكاملة وإصدار الأحكام العادلة. ويعتبر هذا الإجراء جزءًا من الإجراءات القانونية المعمول بها لحماية حقوق المتهمين.
أثر هذه الإجراءات على الشفافية والحوكمة
تعتبر هذه الإجراءات بمثابة رسالة قوية من الحكومة السعودية بأنها لن تتسامح مع أي شكل من أشكال الفساد. ويرى مراقبون أن تكثيف جهود نزاهة من شأنه أن يعزز الثقة في القطاع العام، ويشجع على الاستثمار، ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة. كما أن هذه الإجراءات تتوافق مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد. يعتبر تعزيز **الحوكمة** الرشيدة من أهم أولويات المملكة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الإجراءات تساهم في حماية المال العام، وتوفير الموارد اللازمة لتمويل المشاريع التنموية. وتشير الإحصائيات إلى أن الهيئة استردت بالفعل مبالغ كبيرة من الأموال التي تم اختلاسها أو تهريبها.
ولم تقتصر جهود الهيئة على القضايا الجنائية والإدارية، بل امتدت أيضًا إلى التوعية بمخاطر الفساد وأهمية النزاهة. وقامت الهيئة بإطلاق العديد من الحملات التوعوية التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع، بهدف غرس قيم النزاهة والمسؤولية الاجتماعية. وتشمل هذه الحملات تنظيم ورش عمل ومؤتمرات، ونشر مواد تثقيفية عبر وسائل الإعلام المختلفة.
من الجوانب الهامة أيضًا في عمل الهيئة، هو التركيز على منع الفساد قبل وقوعه. وتعمل الهيئة على تطوير الأنظمة والإجراءات الرقابية، وتأهيل الكوادر البشرية، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني. كما أنها تسعى إلى تبني أفضل الممارسات الدولية في مجال مكافحة الفساد. وتُعد الاستعانة بتقنية المعلومات والتحليل الإحصائي من الأدوات الفعالة في هذا الجانب.
من المتوقع أن تستمر هيئة “نزاهة” في متابعة هذه القضايا وإحالتها إلى المحكمة المختصة، ومن ثم إصدار الأحكام النهائية. كما يُنتظر أن تعلن الهيئة عن نتائج التحقيقات في قضايا أخرى خلال الفترة القادمة. ويجب مراقبة التطورات المتعلقة بتعديل نظام مكافحة الفساد، الذي تشير بعض التقارير إلى أنه قد يشمل عقوبات أشد على مرتكبي هذه الجرائم.













