كشف وزير الثروة الحيوانية والسمكية السوداني، أحمد التجاني المنصوري، عن خسائر فادحة في قطاع الثروة الحيوانية تقدر بمليارات الدولارات نتيجة للحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023. وتأتي هذه الخسائر في وقت يواجه فيه السودان تحديات اقتصادية كبيرة، حيث يعتبر قطاع الثروة الحيوانية أحد أهم مصادر الدخل القومي.
وأوضح الوزير في حوار خاص مع الجزيرة نت أن الحرب أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية بسبب القصف المباشر والجوع الناتج عن نزوح السكان وتركهم حيواناتهم دون رعاية. كما أشار إلى تدمير بعض المرافق التابعة للوزارة، مما يعيق جهودها في إدارة القطاع وتطويره.
تأثير الحرب على قطاع الثروة الحيوانية السوداني
تعتبر الثروة الحيوانية في السودان ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، حيث تساهم بنحو 25% من ميزانية الدولة، وفقًا لتصريحات الوزير المنصوري. وقبل اندلاع الحرب، كان القطاع يشهد نموًا ملحوظًا، حيث تجاوزت الإيرادات المتحققة من الصادرات والإنتاج المحلي التوقعات.
ومع ذلك، أدت الحرب إلى تعطيل سلاسل الإمداد والتوريد، وتوقف عمليات التصدير، وتراجع الإنتاج المحلي. بالإضافة إلى ذلك، أدت الاشتباكات المسلحة إلى نزوح الملايين من السكان، مما أثر سلبًا على قطاع الرعي التقليدي.
الخسائر المباشرة وغير المباشرة
تشمل الخسائر المباشرة نفوق الماشية وتدمير المرافق، بينما تشمل الخسائر غير المباشرة تعطيل الإنتاج وتراجع الصادرات وتوقف الاستثمارات. كما أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار اللحوم والألبان في السوق المحلي، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين.
وأشار الوزير إلى أن المناطق المتأثرة بشكل خاص هي دارفور وأجزاء من كردفان، وهما من أهم مناطق الإنتاج الحيواني في السودان. وقد أدت سيطرة قوات الدعم السريع على هذه المناطق إلى صعوبة الوصول إليها وتقديم الدعم للمربين.
جهود إعادة التأهيل والتطوير
أكد وزير الثروة الحيوانية أن الوزارة تعمل على وضع خطة إستراتيجية لإعادة تأهيل وتطوير القطاع، تتضمن إنشاء مستودعات مبردة وتحسين المسالخ وتوفير الخدمات البيطرية للمربين. كما تسعى الوزارة إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية لزيادة الإنتاج وتحسين الجودة.
وتشمل الخطة أيضًا التعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لإجراء تعداد شامل للثروة الحيوانية في السودان، وهو أمر ضروري لوضع سياسات فعالة لإدارة القطاع. ويعتبر هذا التعداد هو الأول من نوعه منذ أكثر من 50 عامًا.
وبالرغم من التحديات الأمنية والاقتصادية، يرى الوزير أن هناك فرصًا كبيرة للاستثمار في قطاع الثروة الحيوانية في السودان، نظرًا لتوفر الموارد الطبيعية والأيدي العاملة الرخيصة والقرب من الأسواق الإقليمية. وقد أبدت بعض الشركات الخليجية اهتمامًا بالاستثمار في هذا القطاع.
التركيز على السوق المحلي والإقليمي
تركز الخطة الإستراتيجية على تعزيز الإنتاج المحلي وتلبية احتياجات السوق السوداني، بالإضافة إلى زيادة الصادرات إلى دول الجوار ودول مجلس التعاون الخليجي. وتشمل الخطة إنشاء أسواق للمزارعين والمربين لبيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين، مما يقلل من الاعتماد على الوسطاء.
كما تسعى الوزارة إلى تطوير البنية التحتية لتصدير المنتجات الحيوانية، مثل المطارات والموانئ والمستودعات المبردة. ويهدف ذلك إلى زيادة حجم الصادرات وتحسين جودة المنتجات.
التحديات المستقبلية والآفاق
لا تزال التحديات كبيرة، حيث تتطلب إعادة إعمار قطاع الثروة الحيوانية استقرارًا أمنيًا وسياسيًا واقتصادًا قويًا. كما يتطلب ذلك توفير التمويل اللازم وتنفيذ الإصلاحات المؤسسية. بالإضافة إلى ذلك، يجب معالجة مشكلة التصحر وتدهور المراعي، وتوفير المياه والغذاء للماشية.
ومع ذلك، يرى الوزير أن السودان لديه إمكانات هائلة لتطوير قطاع الثروة الحيوانية ليصبح من أهم القطاعات الاقتصادية في المنطقة. ويتوقع أن تشهد الصادرات السودانية من اللحوم والألبان زيادة كبيرة في السنوات القادمة، خاصة بعد استئناف التصدير إلى دول مجلس التعاون الخليجي المتوقع قبل نهاية العام.
من المتوقع أن تستمر الوزارة في التفاوض مع الشركاء الدوليين لتأمين الدعم المالي والفني اللازم لإعادة تأهيل القطاع. كما ستواصل الوزارة جهودها لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوفير بيئة مواتية لنمو القطاع. وستظل الأوضاع الأمنية والسياسية في السودان هي العامل الرئيسي الذي سيحدد مستقبل هذا القطاع الحيوي.













